للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ذكر الله قوم نوح فقال: (فَأَخَذَهُمُ الطُّوفَانُ وَهُمْ ظَالِمُونَ) ، [العنكبوت: ١٤] . أرأيت لو ماتوا، إلى مَنْ جاء موسى عليه السلام بالآيات الأربع بعد الطوفان؟

= قال: فقال موسى: يا رب إن عبادك قد نقضُوا عهدك، وأخلفوا وعدي، رب خذهم بعقوبة تجعلها لهم نقمة، ولقومي عظة، ولمن بعدهم آية في الأمم الباقية! قال: فبعث الله عليهم الجراد، فلم يدع لهم ورقةً ولا شجرة ولا زهرة ولا ثمرة إلا أكله، (١) حتى لم يُبْقِ جَنًى، (٢) حتى إذا أفنى الخضر كلها، أكل الخشب، حتى أكل الأبواب وسقوف البيوت. وابتلى الجراد بالجوع، فجعل لا يشبع، غير أنه لا يدخل بيوتَ بني إسرائيل. فعجُّوا وصاحُوا إلى موسى، (٣) فقالوا: يا موسى، هذه المرّة ادع لنا ربك بما عهد عندك لئن كشفت عنا الرجز لنؤمننّ لك ولنرسلنّ معك بني إسرائيل! فأعطوه عهدَ الله وميثاقه، فدعا لهم ربّه، فكشف الله عنهم الجراد بعد ما أقام عليهم سبعة أيام من السبت إلى السبت، ثم أقاموا شهرًا في عافية، ثم عادوا لتكذيبهم ولإنكارهم، ولأعمالهم أعمال السَّوْء قال: فقال موسى: يا رب، عبادُك، قد نقضوا عهدي، وأخلفوا موعدي، فخذهم بعقوبة تجعلُها لهم نقمة، ولقومي عظة، ولمن بعدي آية في الأمم الباقية! فأرسل الله عليهم القمَّل = قال أبو بكر: سمعت سعيد بن جبير والحسن يقولان: كان إلى جنبهم كثيب أعفر بقرية من قرى مصر تدعى "عين شمس"، (٤) فمشى موسى إلى ذلك الكثيب، فضربه بعصاه ضربةً صارَ قمّلا تدب إليهم = وهي دوابّ سود صغار. فدبَّ إليهم القمّل، فأخذ أشعارهم وأبشارهم وأشفارَ عيونهم وحواجبهم، ولزم جلودَهم، كأنه الجدريّ عليهم، فصرخوا وصاحوا إلى موسى: إنا نتوب ولا نعود،


(١) في المطبوعة: ((إلا أكلها)) ، وأثبت مافي المخطوطة، وهو صواب.
(٢) ((الجني)) الثمر كله.
(٣) ((عج يعج عجا)) رفع صوته وصاح بالدعاء والاستغاثة.
(٤) ((الكثيب الأعفر)) : هو هنا الأحمر.

<<  <  ج: ص:  >  >>