للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عن رجل، عن مجاهد، أنه قال: (لا تُشْمِتْ) . (١)

* * *

وقال الفراء: قال الكسائي: ما أدرى، فلعلهم أرادوا: فلا تشمت بي الأعداءُ، فإن تكن صحيحة فلها نظائر. العرب تقول: "فَرِغت وفَرَغت"، فمن قال: "فَرغت"، قال: "أنا أفرُغ"، ومن قال: "فرِغت"، قال: "أنا أفرَغُ"، وكذلك: "ركِنت" "وركَنت"، و"شمِلهم أمرٌ" (٢) "وشمَلهم"، (٣) في كثير من الكلام. قال: "والأعداء" رفع، لأن الفعل لهم، لمن قال: "تشمَت" أو "تشمِت". (٤)

* * *

قال أبو جعفر: والقراءة التي لا أستجيز القراءة إلا بها، قراءةُ من قرأ: (فَلا تُشْمِتْ) : بضم "التاء" الأولى، وكسر "الميم" من: "أشمتُّ به عدوه أشمته به"، ونصبِ "الأعداء"، لإجماع الحجة من قرأة الأمصار عليها، وشذوذ ما خالفها من القراءة، وكفى بذلك شاهدا على ما خالفها. هذا مع إنكار معرفة عامة أهل العلم بكلام العرب: "شمت فلان فلانًا بفلان"، و"شمت فلان بفلان يشمِت به"، وإنما المعروف من كلامهم إذا أخبروا عن شماتة الرجل بعدوِّه: "شمِت به" بكسر "الميم": "يشمَت به"، بفتحها في الاستقبال.

* * *

وأما قوله: "ولا تجعلني مع القوم الظالمين"، فإنه قولُ هارون لأخيه موسى. يقول: لا تجعلني في موجدتك عليَّ وعقوبتك لي ولم أخالف أمرك، محلَّ من عصاك فخالف أمرك، وعبد العجل بعدك، فظلم نفسه، وعبد غيرَ من له العبادة، ولم أشايعهم على شيء من ذلك، كما:-


(١) (١) الأثر: ١٥١٤٤ - رواه الفراء في معاني القرآن ١: ٣٩٤، وقال عند قوله: ((عن رجل)) : ((أظنه الأعرج)) ، يعني: ((حميد بن قيس المكى)) المذكور في الإسنادين السالفين.
(٢) (٢) في المطبوعة والمخطوطة: ((ركبت وركبت)) ، والصواب في معاني القرآن للفراء.
(٣) (٣) في معاني القرآن: ((وشملهم شر)) .
(٤) (٤) معاني القرآن للفراء ١: ٣٩٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>