للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إليه، يقول: "رب لو شئتَ أهلكتهم من قبل وإيّاي"، قد سفهوا، أفتهلك من ورائي من بني إسرائيل بما فعل السفهاء منا؟ أي: إن هذا لهم هلاكٌ، قد اخترت منهم سبعين رجلا الخيِّر فالخيِّر، أرجع إليهم وليس معى رجل واحد! فما الذي يصدِّقونني به، أو يأمنونني عليه بعد هذا؟ (١)

* * *

وقال آخرون في ذلك بما: -

١٥١٧٠- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: "أتهلكنا بما فعل السفهاء منا"، أتؤاخذنا وليس منا رجلٌ واحد تَرَك عبادتك، ولا استبدل بك غيرك؟

* * *

قال أبو جعفر: وأولى القولين بتأويل الآية، قولُ من قال: إن موسى إنما حزن على هلاك السبعين بقوله: "أتهلكنا بما فعل السفهاء منا"، وأنّه إنما عنى ب"السفهاء" عبدةَ العجل. وذلك أنه محالٌ أن يكون موسى صلى الله عليه وسلم كان تخيَّر من قومه لمسألة ربِّه ما أراه أن يسألَ لهم إلا الأفضل فالأفضل منهم، ومحالٌ أن يكون الأفضل كان عنده مَنْ أشرك في عبادة العجل واتخذَه دون الله إلهًا.

* * *

قال: فإن قال قائل: فجائز أن يكون موسى عليه السلام كان معتقدًا أن الله سبحانه يعاقب قومًا بذنوب غيرهم، فيقول: أتهلكنا بذنوب من عبد العجل، ونحن من ذلك برآء؟ قيل: جائز أن يكون معنى "الإهلاك" قبض الأرواح على غير وجه العقوبة، كما قال جل ثناؤه: (إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ) ، [سورة النساء: ١٧٦] = يعني: مات= فيقول: أتميتنا بما فعل السُّفهاء منَّا؟ (٢)

* * *


(١) الأثر: ١٥١٦٩ مضى قديما برقم ٩٥٧ بتمامه، ومضى قريبا بتمامه رقم: ١٥١٥٣.
(٢) انظر تفسير ((الهلاك)) فيما سلف ٩: ٣٠ / ١٠٤: ١٤٧، وفهارس اللغة (هلك) .

<<  <  ج: ص:  >  >>