للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المنكر، فكانوا فرقتين: فرقة تنهاهم وتكفّ، وفرقة تنهاهم ولا تكف. فقال الذين نهوا وكفوا، للذين ينهون ولا يكفون: "لم تعظون قوما الله مهلكهم أو معذبهم عذابًا شديدًا"؟ فقال الآخرون: "معذرة إلى ربكم ولعلهم يتقون". فقال الله: (فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ) . إلى قوله: (بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ) قَالَ اللَّهُ (فلما عتوا عما نهوا عنه قلنا لهم كونوا قردة خاسئين) . وقال لهم أهل تلك القرية: عملتم بعمل سَوْء، من كان يريد يعتزل ويتطهَّر فليعتزل هؤلاء! قال: فاعتزل هؤلاء وهؤلاء في مدينتهم، وضربوا بينهم سورًا، فجعلوا في ذلك السور أبوابًا يخرج بعضُهم إلى بعض. قال: فلما كان الليل طرقهم الله بعذابٍ، (١) فأصبح أولئك المؤمنون لا يرون منهم أحدًا، فدخلوا عليهم فإذا هم قردة، الرجل وأزواجه وأولاده، فجعلوا يدخلون على الرجل يعرفونه فيقولون: يا فلان، ألم نحذرك سطوات الله؟ ألم نحذرك نقمات الله؟ ونحذرك ونحذرك؟ قال: فليس إلا بكاء! (٢) قال: وأنما عذب الله الذين ظلموا، الذين أقاموا على ذلك. قال: وأما الذين نَهَوْا، فكلهم قد نهى، ولكن بعضهم أفضل من بعض. فقرأ: (أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ) .

١٥٢٧٦- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا المحاربي، عن داود، عن عكرمة قال: قرأ ابن عباس هذه الآية: "لم تعظون قوما الله مهلكهم أو معذبهم عذابًا شديدًا"، قال: لا أدري أنجا القوم أو هلكوا؟ فما زلت أبصِّره حتى عرف أنهم نجوا، وكساني حُلَّة.


(١) (١) في المطبوعة: ((بعذابه)) ، وأثبت ما في المخطوطة.
(٢) (٢) في المخطوطة: ((فليس إلا تكاكا)) ، ولا أدرى ما وجهها، وقد سلف في الخبر رقم ١٥٢٧٢، في آخره: ((فتشم ثيابه فتبكي)) ، فتركت ما في المطبوعة على حاله، حتى يتبين لما في المخطوطة وجه مرضى من الصواب.

<<  <  ج: ص:  >  >>