للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

السبت شَرَعت لهم الحيتان ينظرون إليها في البحر. فإذا انقضى السبتُ، ذهبتْ فلم تُرَ حتى السبت المقبل، فإذا جاء السبت جاءت شرَّعًا. فمكثوا ما شاء الله أن يمكثوا كذلك، ثم إنّ رجلا منهم أخذ حوتًا فخزمه بأنفه، (١) ثم ضرب له وَتِدًا في الساحل، وربطه وتركه في الماء. فلما كان الغد، أخذه فشواه فأكله. ففعل ذلك وهم ينظرُون ولا ينكرون، ولا ينهاه منهم أحد إلا عصبة منهم نَهوه، حتى ظهر ذلك في الأسواق وفُعِل علانيةً. قال: فقالت طائفة للذين يَنهون: "لم تعظون قومًا الله مهلكهم أو معذبهم عذابًا شديدًا قالوا معذرة إلى ربكم"، في سخطنا أعمالهم، "ولعلهم يتقون* فلما نسوا ما ذُكِّروا به"، إلى قوله: "قلنا لهم كونوا قردة خاسئين"، قال ابن عباس: كانوا أثلاثًا: ثلث نَهوا، وثلث قالوا: "لم تعظون قوما الله مهلكهم"، وثلث أصحاب الخطيئة، فما نجا إلا الذين نهوا، وهلك سائرهم. فأصبح الذين نهوا عن السوء ذات يوم في مجالسهم يتفقَّدون الناس لا يرونهم، فَعَلوْا على دورهم، (٢) فجعلوا يقولون: إنّ للناس لشأنًا، فانظروا ما شأنهم! فاطلعوا في دورهم، فإذا القوم قد مسخوا في ديارهم قردة، يعرفون الرجل بعينه وإنه لقرد، ويعرفون المرأة بعينها وإنها لقردة، قال الله: (فَجَعَلْنَاهَا نَكَالا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهَا وَمَا خَلْفَهَا وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ) [سورة البقرة: ٦٦] .

١٥٢٧٩- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن أبي بكر الهذلي، عن عكرمة، عن ابن عباس: "أنجينا الذين ينهون عن السوء" الآية، قال ابن عباس: نجا الناهون، وهلك الفاعلون، ولا أدري ما صنع بالساكتين!


(١) (١) في المطبوعة: ((فخرم أنفه)) ، وأثبت ما في المخطوطة، وهذا صواب قراءته ونقطه. ((خزم الدابة)) ثقب في أنفها ثقباً، وجعل فيه خزامة من شعر أو غيره، و ((الخزامة)) (بكسر الخاء) الحلقة المعقودة.
(٢) (٢) في المطبوعة: ((فعلقوا عليهم دورهم)) ، أراد أن يجتهد فأخطأ أشنع الخطأ، والصواب البين ما في المخطوطة، كما أثبته.

<<  <  ج: ص:  >  >>