للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بكسر العين من "فيعِل"، وهي الهمزة من "بيئس"، فلعلَّ الذي قرأ ذلك كذلك قرأه على هذه.

* * *

وذكر عن آخر من الكوفيين أيضًا أنه قرأه: (بَيْئَسٍ) ، نحو القراءة التي ذكرناها قبل هذه، وذلك بفتح الباء وتسكين الياء وفتح الهمزة بعد الياء، على مثال "فَيْعَل" مثل "صَيْقَل".

* * *

وروي عن بعض البصريين أنه قرأه: (بَئِسٍ) بفتح الباء وكسر الهمزة، على مثال "فَعِل"، كما قال ابن قيس الرقيَّات:

لَيْتَنِي أَلْقَي رُقَيَّةَ فِي خَلْوَةٍ مِنْ غَيْرِ مَا بَئِسِ (١)

* * *

وروي عن آخر منهم أنه قرأ: (بِئْسَ) بكسر الباء وفتح السين، على معنى: بِئْسَ العذاب.

* * *

قال أبو جعفر: وأولى هذه القراءات عندي بالصواب، قراءةُ من قرأه: (بَئِيسٍ) بفتح الباء، وكسر الهمزة ومدّها، على مثال "فَعِيل"، كما قال ذو الإصبع العَدْوانيّ:

حَنَقًا عَلَيَّ، وَمَا تَرَى لِي فِيهِمُ أَثَرًا بَئيسَا (٢)


(١) (١) ديوانه: ٣٨٦، والخزانة ٣: ٥٨٧، والعينى (بهامش الخزانة) ٤: ٣٧٩، ورواية صاحب الخزانة ((من غير ما أنس)) ، وشرحها فقال: ((الأنس، بفتحتين، بمعنى الإنس، بكسر الهمزة وسكون النون، وما زائدة، وفيه مضاف محذوف، تقديره: في غير حضور إنس)) ، وهذا في ظني، اجتهاد من صاحب الخزانة، وأن البيت مصحف صوابه ما في الطبري. وأما العينى، فكتب ((من غير ما يبس)) (بالياء ثم الباء) ، وهو تصحيف لا شك فيه، ومثله في الديوان منقولاً عنه. والصواب ما شرحه أبو جعفر.
(٢) (٢) الأغاني ٣: ١٠٢، ١٠٣، ومجاز القرآن لأبي عبيدة ١: ٢٣١ من شعر جيد في ابن عم له كان يعاديه، فكان يتدسس إلى مكارهه، ويؤلب عليه، ويسعى بينه وبين عمه، ويبغيه شراً، فقال فيه:وَليَ ابْنُ عَمٍّ لا يَزَا ... لُ إِلَىَّ مُنْكَرُه دَسِيسَا
دَبَّتْ لَهُ، فأحَسَّ بَعْ ... دَ البُرْءِ مِنْ سَقَمٍ رَسِيسَا
إِمَّا عَلانِيَةً، وَإِمَّا ... مُخْمِرًا أَكْلا وَهِيسًا
إِنِّي رَأَيتُ بَني أَبِيـ ... ـكَ يحمِّجُون إِليَّ شُوسَا
حَنَقًا عَليَّ،............. ... . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وقوله: ((دبت له)) ، يعني العداوة. و ((الرسيس)) : أول الحمى، وقوله: ((مخمرا)) أي يستر ما يريد، ((أخمر الشيء)) : ستره. ((الأكل الوهيس)) : الشديد، يعنى ما يغتابه به ويأكل به لحمه. و ((التحميج)) ، إدامة النظر، والقلب كاره أو محنق. و ((الشوس)) جمع ((أشوس)) ، وهو الذي ينظر بمؤخر عينه مغيظاً يتحرق. وكان في المطبوعة: ((ولن ترى)) ، وأثبت ما في المخطوطة، وإنما جاء بها من الأغاني.

<<  <  ج: ص:  >  >>