للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ذكره، إنما وصف أنه خَلَف القومَ الذين قصّ قصصهم في الآيات التي مضت، خَلْف سوءِ رديء، ولم يذكر لنا أنهم نصارى في كتابه، وقصتهم بقصص اليهود أشبه منها بقصص النصارى. وبعدُ، فإن ما قبل ذلك خبرٌ عن بني إسرائيل، وما بعده كذلك، فما بينهما بأن يكون خبرًا عنهم أشبه، إذ لم يكن في الآية دليل على صرف الخبر عنهم إلى غيرهم، ولا جاء بذلك دليل يوجب صحة القول به.

* * *

فتأويل الكلام إذًا: فتبدَّل من بعدهم بَدَل سوء، ورثوا كتاب الله فَعُلِّموه، (١) وضيعوا العمل به، فخالفوا حكمه، يُرْشَون في حكم الله، فيأخذون الرشوة فيه من عَرَض هذا العاجل "الأدنى"، (٢) يعني ب"الأدنى": الأقرب من الآجل الأبعد. (٣) ويقولون إذا فعلوا ذلك: إن الله سيغفر لنا ذنوبنا، تمنِّيًا على الله الأباطيل، كما قال جل ثناؤه فيهم: (فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلا فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ) ، [سورة البقرة: ٧٩] = "وإن يأتهم عرض مثله يأخذوه"، يقول: وإن شرع لهم ذنبٌ حرامٌ مثله من الرشوة بعد ذلك، (٤) أخذوه واستحلوه ولم يرتدعوا عنه. يخبر جل ثناؤه عنهم أنهم أهل إصرار على ذنُوبهم، وليسوا بأهل إنابة ولا تَوْبة.

* * *

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل وإن اختلفت عنه عباراتهم.


(١) (١) في المطبوعة: ((تعلموه)) وصواب قراءة ما في المخطوطة، هو ما أثبت
(٢) (٢) انظر تفسير ((عرض الدنيا)) فيما سلف ٩: ٧١.
(٣) (٣) انظر تفسير ((الأدنى)) فيما سلف ٢: ١٣١.
(٤) (٤) في المخطوطة: ((وإن شرع لهم ذنباً)) ، سيئة الكتابة، والذي في المطبوعة ليس يبعد عن الصواب، وإن كنت غير راض عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>