للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأشهد عليكم أباكم آدم: أن تقولوا يوم القيامة لم نعلم بهذا! اعلموا أنه لا إله غيري، ولا رب غيري، ولا تشركوا بي شيئًا، وأني سأرسل إليكم رسلا يذكرونكم عهدي وميثاقي، (١) وسأنزل عليكم كتبي! (٢) قالوا: شهدنا أنك ربُّنا وإلهنا، لا رب لنا غيرك، ولا إله لنا غيرك. فأقرُّوا له يومئذٍ بالطاعة، ورفع عليهم أباهم آدم، فنظر إليهم، فرأى منهم الغنيّ والفقير، وحسن الصورة، ودون ذلك، فقال: رب لولا ساويت بينهم! قال: فإني أحب أن أشكر. قال: وفيهم الأنبياء عليهم السلام يومئذٍ مثلُ السُّرُج. وخص الأنبياء بميثاق آخر قال الله: (وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا) ، [سورة الأحزاب: ٧] وهو الذي يقول تعالى ذكره: (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ) ، [سورة الروم: ٣٠] وفي ذلك قال: (هَذَا نَذِيرٌ مِنَ النُّذُرِ الأولَى) ، [سورة النجم: ٥٦] يقول: أخذنا ميثاقه مع النذر الأولى، ومن ذلك قوله: (وَمَا وَجَدْنَا لأكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ وَإِنْ وَجَدْنَا أَكْثَرَهُمْ لَفَاسِقِينَ) ، [سورة الأعراف: ١٠٢] ، [وهو قوله تعالى] (٣) (ثُمَّ بَعَثْنَا مِنْ بَعْدِهِ رُسُلا إِلَى قَوْمِهِمْ فَجَاءُوهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا بِمَا كَذَّبُوا مِنْ قَبْلُ) ، [سورة يونس: ٧٤] قال: كان في علمه يوم أقروا به، من يصدِّق ومن يكذِّب. (٤)

١٥٣٦٤ - حدثنا ابن بشار قال: حدثنا محمد بن جعفر قال: حدثنا شعبة، عن أبي بشر، عن سعيد بن جبير في هذه الآية: (وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذرياتهم وأشهَدَهم على أنفسهم ألست بربكم) قال: أخرجهم من ظهر آدم، وجعل لآدم عمر ألف سنة. قال: فعرضوا على آدم، فرأى رجلا من ذرّيته له نور فأعجبه، فسأل عنه، فقال: هو داود، قد جُعِل عمره ستين سنة! فجعل له من عمره أربعين سنة; فلما احتُضِرَ آدمُ، جعل يخاصمهم في الأربعين سنة، فقيل له: إنك أعطيتها داود! قال: فجعل يخاصمهم.

١٥٣٦٥ - حدثنا ابن حميد قال: حدثنا يعقوب، عن جعفر، عن سعيد، في قوله: (وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذرياتهم) قال: أخرج ذريته من ظهره كهيئة الذرِّ، فعرضهم على آدم بأسمائهم وأسماء آبائهم وآجالهم! قال: فعرض عليه روح داود في نورٍ ساطع، فقال: من هذا؟ قال: هذا من ذرّيتك، نبيٌّ خليفة. قال: كم عمره؟ قال: ستون سنة قال: زيدوه من عمري أربعين سنة. قال: والأقلام رطبة تجري. فأثبت لداود الأربعون، وكان عمر آدم عليه السلام ألف سنة; فلما استكملها إلا الأربعين سنة، بُعث إليه ملك الموت، فقال: يا آدم أمرت أن أقبضك قال: ألم يبق من عمري أربعون سنة؟ قال: فرجع


(١) في المطبوعة: ((وسأرسل)) ، وفي المخطوطة: ((وأنا سأرسل)) والصواب من مراجع الحديث المذكورة بعد.
(٢) ليس في المخطوطة: ((كتبي)) ، سقطت من الناسخ.
(٣) هذه الزيادة بين القوسين، من سائر المراجع، وليست في المخطوطة ولا المطبوعة.
(٤) الأثر: ١٥٣٦٣ - إسناد صحيح، مضى مثله مرارًا. وهذا الخبر رواه عبد الله بن أحمد بن حنبل، في زياداته على مسند أبيه، (٥: ١٣٥) عن شيخه محمد بن يعقوب الربالى، عن المعتمر بن سليمان، عن أبيه، عن الربيع بن أنس، مختصراً. ونقله الهيثمى في مجمع لزوائد ٧: ٢٥ وقال: ((رواه عبد الله بن أحمد، عن شيخه محمد بن يعقوب الربالي، وهو مستور، وبقية رجاله رجال الصحيح)) . ورواه الحاكم في المستدرك مطولاً ٢: ٣٢٣ من طريق عبيد الله بن موسى، عن أبي جعفر عيسى بن عبد الله بن ماهان، عن الربيع بن أنس، وقال ((هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه)) ، ووافقه الذهبي. ورواه الاجري في كتاب الشريعة: ٢٠٧، من طريق حكام بن مسلم الرازي، عن أبي جعفر الرازي، عن الربيع بن أنس. ورواه ابن عبد البر في التمهيد (ملحف كتاب التقصى) : ٣٠٧، من طريق أحمد بن عبد الله بن صالح، عن عبيد الله بن موسى، عن أبي جعفر الرازي، وهو طريق الحاكم في المستدرك. وذكره ابن كثير في تفسيره ٣: ٥٨٨ وزاد نسبته إلى ابن أبي حاتم، وابن مردويه في تفسيريهما. وخرجه السيوطي في الدر المنثور ١: ١٤٢، وزاد نسبته إلى عبد بن حميد، وأبي الشيخ، وابن منده في كتاب الرد على الجهمية، واللالكائي، وابن مردويه، والبيهقي في الأسماء والصفات، وابن عساكر في تاريخه.

<<  <  ج: ص:  >  >>