للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٦٣- حدثني سعيد بن الربيع، قال: حدثنا سفيان بن عيينة، عن الزهري، قال: قُبض النبي صلى الله عليه وسلم ولم يكن القرآن جمع، وإنما كان في الكرانيف والعسب (١) .

٦٤- حدثنا سعيد بن الربيع قال: حدثنا سفيان، عن مجالد، عن الشعبي، عن صعصعة أنّ أبا بكر أوَلُ من وَرَّث الكلالةَ وجمعَ المصحف (٢) .

قال أبو جعفر: وما أشبه ذلك من الأخبار التي يطول باستيعاب جميعها الكتابُ، والآثار الدالة على أن إمامَ المسلمين وأميرَ المؤمنين عثمانَ بن عفان رحمة الله عليه، جمع المسلمين - نظرًا منه لهم، وإشفاقًا منه عليهم، ورأفة منه بهم، حِذارَ الردّةِ من بعضهم بعدَ الإسلامَ، والدّخولِ في الكفر بعد الإيمان، إذ ظهر من بعضهم بمحضَره وفي عصره التكذيبُ ببعض الأحرف السبعة التي نزل عليها القرآن، مع سماع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من رسول الله صلى الله عليه وسلم النهيَ عن التكذيب بشيء منها، وإخباره إياهم أنّ المِراء فيها كفر- فحملهم رحمةُ الله عليه، إذْ رأى ذلك ظاهرًا بينهم في عصره، ولحَدَاثة عهدهم بنزول القرآن، وفراق رسول الله صلى الله عليه وسلم إياهم بما أمِنَ عليهم معه عظيم البلاء في الدين من تلاوة القرآن - على حرف واحد (٣) .

وجمعهم على مصحف واحد، وحرف واحد، وخَرَّق ما عدا المصحف الذي


(١) الحديث ٦٣- ذكر ابن حجر في الفتح ٩: ٩ رواية سفيان عن الزهري عن عبيد عن زيد بن ثابت، وأتمها في ص: ١١ باختلاف في اللفظ. والكرانيف جمع كرنافة: وهي أصول السعف الغلاظ العراض التي إذا يبست صارت أمثال الأكتاف. وكانوا يكتبون فيها قبل الورق.
(٢) الخبر ٦٤- صعصعة: هو ابن صوحان، بضم الصاد. وهو تابعي قديم، كان مسلمًا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يره. وهذا الخبر لم نجده في موضع آخر. وأما "الكلالة"، فقد اختلف في تفسيرها، والجمهور على أنه: من مات وليس له ولد ولا والد. كما قال الحافظ في الفتح ١٢: ٢١. وهو الذي اختاره الطبري، فيما سيأتي في تفسير الآية ١٢ من سورة النساء، ١٧٦ منها ج ٤ ص ١٩١ - ١٩٤، وج ٦ ص ٢٨-٣١ من طبعة بولاق.
(٣) قوله "على حرف واحد"، متعلق بقوله آنفًا: "فحملهم رحمة الله عليه" وقوله "فحملهم" معطوف على قوله أولا: "جمع المسلمين"

<<  <  ج: ص:  >  >>