للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بين ذلك. ولا يجوز أن يكون"عوان" إلا مبتدأ. لأن قوله (بين ذلك) ، كناية عن الفارض والبكر، فلا يجوز أن يكون متقدما عليهما، ومنه قول الأخطل:

وما بمكة من شُمط مُحَفِّلة ... وما بيثرب من عُونٍ وأبكار (١)

وجمعها"عون" يقال:"امرأة عوان من نسوة عون". ومنه قول تميم بن مقبل:

ومأتم كالدمي حورٍ مدامعها ... لم تبأس العيش أبكارا ولا عونا (٢)

وبقرة "عوان، وبقر عون". قال: وربما قالت العرب: "بقر عُوُن" مثل"رسل" يطلبون بذلك الفرق بين جمع"عوان" من البقر، وجمع"عانة" من الحمر. ويقال:"هذه حرب عوان"، إذا كانت حربا قد قوتل فيها مرة بعد مرة. يمثل ذلك بالمرأة التي ولدت بطنا بعد بطن. وكذلك يقال:"حاجة عوان"، إذا كانت قد قضيت مرة بعد مرة.


(١) ديوانه: ١١٩، وهو يخالف ما رواه الطبري، وقبله: إني حلفت برب الراقصات وما ... أضحي بمكة من حجب وأستار
وبالهدي - إذا احمرت مذارعها ... في يوم نسك وتشريق وتنحار
وما بزمزم من شمط محلقه ... وما بيثرب من عون وأبكار
يعني: حلقوا رؤوسهم، وقد تحللوا من إحرامهم وقضوا حجتهم، والشمط جمع أشمط: وهو الذي خالط سواد شعره بياض الشيب. فإن صحت رواية الطبري"شمط مُحَفِّلَةٍ"، فكأنها من الحفيل والاحتفال: وهو الجد والاجتهاد، يقال منه: رجل ذو حفيل، وذو حفل وحفلة: له جد واجتهاد ومبالغة فيما أخذ فيه من الأمور. فكأنه عنى: مجتهدون في العبادة والنسك.
(٢) جمهرة أشعار العرب: ١٦٢، من جيد شعر تميم بن أبي بن مقبل. والمأتم عند العرب: جماعة النساء - أو الرجال - في خير أو شر. قالوا: والعامة تغلط فتظن أن"المأتم" النوح والنياحة. والدمى جمع دمية: الصورة أو التمثال، يتنوق في صنعتها ويبالغ في تحسينها، والعرب تكثر من تشبيه النساء بالدمي. والحور جمع حوراء. والحور أن يشتد بياض بياض العين، وسواد سوادها، تستدير حدقتها، وترق جفونها، ويبيض ما حولها. وقوله: "لم تبأس" أي لم يلحقها بؤس عيش، أو لم تشك بؤس عيش بئس يبأس بؤسا، فهو بائس وبئيس، افتقر واشتد عليه البؤس. وفي الأصل المطبوع، وفي اللسان (أتم) : "لم تيأس" بالياء المثناة، وهو خطأ.

<<  <  ج: ص:  >  >>