للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

آبائكم، (١) ولن تغلبوا كثرةً! فلما التقوا نكص على عقبيه =يقول: رجع مدبرًا= وقال: (إني بريء منكم إني أرى ما لا ترون) ، يعني الملائكة.

١٦١٩٢- حدثني الحارث قال، حدثنا عبد العزيز قال، حدثنا أبو معشر، عن محمد بن كعب قال: لما أجمعت قريش على السير قالوا: إنما نتخوف من بني بكر! فقال لهم إبليس، في صورة سراقة بن مالك بن جعشم: أنا جار لكم من بني بكر، ولا غالب لكم اليوم من الناس.

* * *

قال أبو جعفر: فتأويل الكلام: (وإن الله لسميع عليم) ، في هذه الأحوال =وحين زين لهم الشيطان خروجهم إليكم، أيها المؤمنون، لحربكم وقتالكم وحسَّن ذلك لهم وحثهم عليكم، وقال لهم: لا غالب لكم اليوم من بني آدم، فاطمئنوا وأبشروا = (وإني جار لكم) ، من كنانة أن تأتيكم من ورائكم فمعيذكم، (٢) أجيركم وأمنعكم منهم، فلا تخافوهم، واجعلوا حدَّكم وبأسكم على محمد وأصحابه (٣) = (فلما تراءت الفئتان) ، يقول: فلما تزاحفت جنود الله من المؤمنين وجنود الشيطان من المشركين، ونظر بعضهم إلى بعض= (نكص على عقبيه) ، يقول: رجع القهقري على قفاه هاربًا. (٤)

* * *

يقال منه: "نكص ينكُص وينكِص نكوصًا"، ومنه قول زهير:

هُمْ يَضْرِبُونَ حَبِيكَ البَيْضِ إِذْ لَحِقُوا لا يَنْكُصُون، إِذَا مَا اسْتُلْحِمُوا وَحَمُوا (٥)


(١) في المطبوعة: " لن يغلبكم "، وأثبت ما في المخطوطة.
(٢) في المطبوعة: " فيغيركم "، ومثلها في المخطوطة غير منقوطة، وهذا صواب قراءتها بعد إصلاح فسادها.
(٣) في المطبوعة: " جدكم " بالجيم، وانظر ما سلف ج ١٣ ص: ٥٧٧، تعليق: ١.
(٤) انظر تفسير " العقب " فيما سلف ٣: ١٦٣ \ ١١: ٤٥٠.
(٥) ديوانه: ١٥٩، من قصيدته في هرم بن سنان، وهي من جياد شعره. و " حبيك البيض "، طرائق حديده. و " البيض " جمع " بيضة "، هي الخوذة من سلاح المحارب، على شكل بيضة النعام، يلبسها الفارس على رأسه لتقيه ضرب السيوف والرماح. و " استلحم الرجل " (بالبناء للمجهول) : إذا نشب في ملحمة القتال، فلم يجد مخلصًا. وقوله: " وحموا "، من قولهم: " حمى من الشيء حمية ومحمية "، إذا فارت نفسه وغلت، وأنف أن يقبل ما يراد به من ضيم، ومنه: " أنف حمى ".

<<  <  ج: ص:  >  >>