للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

التوراة، فأذّن في قومه فقال: يا قوم، قد آتاني الله التوراةَ وردَّها إليَّ! فعلقَ بهم يعلمهم، (١) فمكثوا ما شاء الله وهو يعلمهم. ثم إنَّ التابوت نزل بعد ذلك وبعد ذهابه منهم، فلما رأوا التابوت عرَضوا ما كان فيه على الذي كان عزير يعلِّمهم، فوجدوه مثله، فقالوا: والله ما أوتي عزير هذا إلا أنه ابن الله.

١٦٦٢٢- حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: (وقالت اليهود عزير ابن الله) ، إنما قالت ذلك، لأنهم ظهرت عليهم العمالقة فقتلوهم، وأخذوا التوراة، وذهب علماؤهم الذين بقُوا، وقد دفنوا كتب التوراة في الجبال. (٢) وكان عزير غلامًا يتعبَّد في رءوس الجبال، لا ينزل إلا يوم عيد. فجعل الغلام يبكي ويقول: "ربِّ تركتَ بني إسرائيل بغير عالم"! فلم يزل يبكي حتى سقطت أشفارُ عينيه، فنزل مرة إلى العيد، فلما رجع إذا هو بامرأة قد مثلتْ له عند قبر من تلك القبور تبكي وتقول: يا مطعماه، ويا كاسِياه! فقال لها: ويحك، من كان يطعمك أو يكسوك أو يسقيك أو ينفعك قبل هذا الرجل؟ (٣) قالت: الله! قال: فإن الله حي لم يمت! قالت: يا عزير، فمن كان يعلِّم العلماء قبلَ بني إسرائيل؟ قال: الله! قالت: فلم تبكي عليهم؟ فلما عرف أنه قد خُصِم، (٤) ولَّى مدبرًا، فدعته فقالت: يا عزير، إذا أصبحت غدًا فأت نهر كذا وكذا فاغتسل فيه، ثم اخرج فصلِّ ركعتين،


(١) في المطبوعة: " فعلق يعلمهم "، وفي المخطوطة "فعلق به يعلمهم، ورجحت صواب ما أثبت. يقال: " علقت أفعل كذا " بمعنى: طفقت. من قولهم: " علق بالشيء "، إذا لزمه، قال يزيد بن الطثرية: عَلِقْنَ حَوْلِي يَسْأَلْنَ القِرَى أُصُلا ... وليسَ يَرْضَيْنَ مِنِّي بالمعَاذِيرِ
بمعنى: طفقن (انظر طبقات فحول الشعراء: ٥٨٧، تعليق: ٤) .
(٢) في المطبوعة: " فدفنوا "، وأثبت ما في المخطوطة.
(٣) في المطبوعة، جعلها جميعًا بالواو على العطف، وأثبت ما في المخطوطة.
(٤) " خصم "، أي: غلب في الخصام والحجاج.

<<  <  ج: ص:  >  >>