للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قيلهم هذا. مع غلظ مؤونة ذبحها عليهم، وثقل أمرها، فقال: (فذبحوها وما كادوا يفعلون) ، وإن كانوا قد قالوا - بقولهم: الآن بينت لنا الحق - هراء من القول، وأتوا خطأ وجهلا من الأمر. وذلك أن نبي الله موسى صلى الله عليه وسلم كان مبينا لهم - في كل مسألة سألوها إياه، ورد رادوه في أمر البقر - (١) الحق. وإنما يقال:"الآن بينت لنا الحق" لمن لم يكن مبينا قبل ذلك، فأما من كان كل قيله -فيما أبان عن الله تعالى ذكره- حقا وبيانا، فغير جائز أن يقال له = في بعض ما أبان عن الله في أمره ونهيه، وأدى عنه إلى عباده من فرائضه التي أوجبها عليهم: (الآن جئت بالحق) ، كأنه لم يكن جاءهم بالحق قبل ذلك!

* * *

وقد كان بعض من سلف يزعم أن القوم ارتدوا عن دينهم وكفروا بقولهم لموسى: (الآن جئت بالحق) ، ويزعم أنهم نفوا أن يكون موسى أتاهم بالحق في أمر البقرة قبل ذلك، وأن ذلك من فعلهم وقيلهم كفر.

وليس الذي قال من ذلك عندنا كما قال، لأنهم أذعنوا بالطاعة بذبحها، وإن كان قيلهم الذي قالوه لموسى جهلة منهم وهفوة من هفواتهم.

* * *

القول في تأويل قوله تعالى: {فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ (٧١) }

قال أبو جعفر: يعني بقوله: (فذبحوها) ، فذبح قوم موسى البقرة، التي وصفها الله لهم وأمرهم بذبحها.

ويعني بقوله: (وما كادوا يفعلون) ، أي: قاربوا أن يَدَعوا ذبحها، ويتركوا فرض الله عليهم في ذلك.

* * *

ثم اختلف أهل التأويل في السبب الذي من أجله كادوا أن يضيعوا فرض الله عليهم، في ذبح ما أمرهم بذبحه من ذلك. فقال بعضهم: ذلك السبب كان


(١) السياق: "كان مبينا لهم. . الحق"، ما بينهما فصل، كعادته في الفصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>