للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وإن اتفقت معاني الخبر. (١)

* * *

فمعنى الكلام: ما لكم أيها المؤمنون، إذا قيل لكم: اخرجُوا غزاة = "في سبيل الله"، أي: في جهاد أعداء الله (٢) = (اثَّاقلتم إلى الأرض) ، يقول: تثاقلتم إلى لزوم أرضكم ومساكنكم والجلوس فيها.

* * *

وقيل: "اثّاقلتم" لإدغام "التاء" في "الثاء" فأحدثتْ لها ألف. (٣) ليُتَوصَّل إلى الكلام بها، لأن "التاء" مدغمة في "الثاء". ولو أسقطت الألف، وابتدئ بها، لم تكن إلا متحركة، فأحدثت الألف لتقع الحركة بها، كما قال جل ثناؤه: (حَتَّى إِذَا ادَّارَكُوا فِيهَا جَمِيعًا) ، [سورة الأعراف: ٣٨] ، وكما قال الشاعر: (٤)

تُولِي الضَّجِيعَ إذَا مَا اسْتَافَهَا خَصِرًا ... عَذْبَ المَذَاقِ، إذَا مَا أتَّابَعَ القُبَلُ (٥)

[فهو من "الثقل"، ومجازه مجاز "افتعلتم"] ، من "التثاقل". (٦)

وقوله: (أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة) ، يقول جل ثناؤه، أرضيتم بحظ الدنيا والدّعة فيها، عوضًا من نعيم الآخرة، وما عند الله للمتقين في جنانه = (فما


(١) انظر "النفر" فيما سلف ٨: ٥٣٦، ولم يفسره هناك.
(٢) انظر تفسير "سبيل الله" فيما سلف من فهارس اللغة (سبل) .
(٣) في المطبوعة: "لأنه أدغم التاء في الثاء فأحدث لها ألف"، وكان في المخطوطة: "لأنه غام"، فلم يحسن قراءتها، فغير الكلام، فأثبته على الصواب من المخطوطة. وانظر ما سلف في الإدغام ٢: ٢٢٤.
(٤) لم أعرف قائله
(٥) مضى شرحه وتفسيره آنفًا ٢: ٢٢٣، ومعاني القرآن للفراء ١: ٤٣٨.
(٦) مكان هذه الجملة في المطبوعة: "فهو بنى الفعل افتعلتم من التثاقل"، وهو كلام غث جدا. وفي المخطوطة: " فهو بين الفعل افتعلتم من التثاقل "، غير منقوط، وصححت هذه العبارة اجتهادا، مؤتنسًا بما قاله أبو عبيدة في مجاز القرآن ١: ٢٦٠، قال: " ومجاز: اثاقلتم، مجاز: افتعلتم، من التثاقل، فأدغمت التاء في الثاء، فثقلت وشددت ". يعني أبو عبيدة: أنك لو بنيت " افتعل " من " الثقل "، كان واجبا إدغام التاء في الثاء. وانظر أيضًا معاني القرآن للفراء ١: ٤٣٧، ٤٣٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>