وإنما وصفهم الله بما وصفهم به من هذه الصفة، لأنهم إنما أقاموا بين أَظْهُرِ أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على كفرهم ونفاقهم وعداوتهم لهم ولما هم عليه من الإيمان بالله وبرسوله، لأنهم كانوا في قومهم وعشيرتهم وفي دورهم وأموالهم، فلم يقدروا على ترك ذلك وفراقه، فصانعوا القوم بالنفاق، ودافعوا عن أنفسهم وأموالهم وأولادهم بالكفر ودعوى الإيمان، وفي أنفسهم ما فيها من البغض لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأهل الإيمان به والعداوة لهم. فقال الله واصِفَهم بما في ضمائرهم:(لو يجدون ملجأ أو مغاراتٍ) ، الآية.
* * *
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
١٦٨٠٨- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو صالح قال، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس قوله:(لو يجدون ملجأ) ، "الملجأ" الحِرْز في الجبال، "والمغارات"، الغِيران في الجبال. وقوله:(أو مدَّخلا) ، و"المدّخل"، السَّرَب.
١٦٨٠٩- حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله:(لو يجدون ملجأ أو مغارات أو مدّخلا لولّوا إليه وهم يجمحون) ، "ملجأ"، يقول: حرزًا = (أو مغارات) ، يعني الغيران = (أو مدخلا) ، يقول: ذهابًا في الأرض، وهو النفق في الأرض، وهو السَّرَب.
١٦٨١٠- وحدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا
(١) لم أجد هذا البيت فيما وقفت عليه من شعر مهلهل. وقوله: " خمدا "، أي: سكنوا فماتوا، كما تنطفئ الجمرة.