للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قيل: إن الله تعالى ذكره إنما أمر بقتال من أظهرَ منهم كلمةَ الكفر، ثم أقام على إظهاره ما أظهر من ذلك. وأمّا مَنْ إذا اطُّلع عليه منهم أنه تكلم بكلمة الكفر وأُخِذ بها، أنكرها ورجع عنها وقال: "إني مسلم"، فإن حكم الله في كلّ من أظهر الإسلام بلسانه، أن يحقِنَ بذلك له دمه وماله، وإن كان معتقدًا غير ذلك، وتوكَّل هو جلّ ثناؤه بسرائرهم، ولم يجعل للخلق البحثَ عن السرائر. فلذلك كان النبيّ صلى الله عليه وسلم، مع علمه بهم وإطْلاع الله إياه على ضمائرهم واعتقاد صُدورهم، كان يُقِرّهم بين أظهر الصحابة، ولا يسلك بجهادهم مسلك جهاد من قد ناصبَه الحرب على الشرك بالله، لأن أحدهم كان إذا اطُّلِع عليه أنه قد قال قولا كفر فيه بالله، ثم أخذ به أنكره وأظهر الإسلام بلسانه. فلم يكن صلى الله عليه وسلم يأخذه إلا بما أظهر له من قوله، عند حضوره إياه وعزمه على إمضاء الحكم فيه، دون ما سلف من قولٍ كان نطقَ به قبل ذلك، ودون اعتقاد ضميرِه الذي لم يبح الله لأحَدٍ الأخذ به في الحكم، وتولَّى الأخذَ به هو دون خلقه.

* * *

وقوله: (واغلظ عليهم) ، (١) يقول تعالى ذكره: واشدد عليهم بالجهاد والقتال والإرْهاب. (٢)

* * *

وقوله: (ومأواهم جهنم) ، يقول: ومساكنهم جهنم، وهي مثواهم ومأواهم (٣) = (وبئس المصير) ، يقول: وبئس المكان الذي يُصَار إليه جهنَّمُ. (٤)

* * *


(١) انظر تفسير " الغلظة " فيما سلف ٧: ٣٤١.
(٢) في المطبوعة: " والإرعاب " بالعين، خالف ما هو الصواب في العربية، وفي المخطوطة إنما يقال: " رعبه يرعبه رعبًا، فهو مرعوب ورعيب و " رعبه " ترعيبًا "، ونصوا فقالوا: " ولا تقل: أرعبه ".
(٣) انظر تفسير " المأوى " فيما سلف ص: ٧٧، تعليق: والمراجع هناك.
(٤) انظر تفسير " المصير " فيما سلف ١٣: ٤٤١ تعليق: ٤، والمراجع هناك.

<<  <  ج: ص:  >  >>