للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ثلاث من كن فيه فهو منافق، وإن صلى وصام وزعم أنه مسلم: إذا حدَّث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا أؤتمن خان، فقلت للحسن: يا أبا سعيد، لئن كان لرجل عليّ دين فلقيني فتقاضاني، وليس عندي، وخفت أن يحبسني ويهلكني، فوعدته أن أقضيه رأسَ الهلال، فلم أفعل، أمنافق أنا؟ قال: هكذا جاء الحديث! ثم حدّث عن عبد الله بن عمرو: أن أباه لما حضره الموت قال: زوِّجوا فلانًا، فإني وعدته أن أزوجه، لا ألقى الله بثُلُثِ النفاق! قال قلت: يا أبا سعيد، ويكون ثُلُث الرجل منافقًا، وثلثاه مؤمن؟ قال: هكذا جاء الحديث. قال: فحججت فلقيت عطاء بن أبي رباح، فأخبرته الحديثَ الذي سمعته من الحسن، وبالذي قلت له وقال لي، فقال لي: (١) أعجزت أن تقول له: أخبرني عن إخوة يوسف عليه السلام، ألم يعدوا أباهم فأخلفوه، وحدَّثوه فكذبوه، وأتمنهم فخانوه، أفمنافقين كانوا؟ ألم يكونوا أنبياء؟ أبوهم نبيٌّ، وجدُّهم نبي؟ قال: فقلت لعطاء: يا أبا محمد، حدِّثني بأصل النفاق، وبأصل هذا الحديث. فقال: حدثني جابر بن عبد الله: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما قال هذا الحديث في المنافقين خاصَّة، الذين حدَّثوا النبي فكذبوه، وأتمنهم على سرّه فخانوه، ووعدوه أن يخرجوه معه في الغزو فأخلفوه. قال: وخرج أبو سفيان من مكة، فأتى جبريلُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم فقال: إن أبا سفيان في مكان كذا وكذا. فقال النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه: إن أبا سفيان في مكان كذا وكذا، فاخرجوا إليه، واكتموا. قال: فكتب رجل من المنافقين إليه" "إن محمدًا يريدكم، فخذوا حذرَكم". فأنزل الله: (لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) ، [سورة الأنفال: ٢٧] ، وأنزل في المنافقين: (ومنهم من عاهد الله لئن آتانا من فضله) ، إلى: (فأعقبهم نفاقًا في قلوبهم إلى يوم يلقونه بما أخلفوا الله ما وعدو وبما كانوا يكذبون) ، فإذا لقيت الحسن فأقرئه السلام، وأخبره بأصل هذا الحديث، وبما قلت لك. قال: فقدمت على الحسن فقلت: يا أبا سعيد، إن أخاك عطاءً يقرئك السلام، فأخبرته بالحديث الذي حدث، وما قال لي، فأخذ الحسن بيدي فأشالها، (٢) وقال: يا أهل العراق، أعجزتم أن تكونوا مثلَ هذا؟ سمع مني حديثًا فلم يقبله حتى استنبط أصله، صدق عطاء، هكذا الحديث، وهذا في المنافقين خاصة. (٣)

١٧٠٠٠- حدثني يعقوب قال، حدثنا ابن علية قال، أخبرنا يعقوب، عن الحسن قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ثلاث من كن فيه، وإن صلى وصام وزعم أنه مسلم، فهو منافق. فقيل له: ما هي يا رسول الله؟ فقال النبي عليه الصلاة والسلام: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا أؤتمن خان.

١٧٠٠١- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين، قال، حدثنا مبشّر، عن الأوزاعي عن هارون بن رباب، عن عبد الله بن عمرو بن وائل: أنه لما حضرته الوفاة قال: إنّ فلانًا خطب إليّ ابنتي، وإني كنت قلت له فيها قولا شبيهًا بالعِدَة، والله لا ألقى الله بثُلُث النفاق، وأشهدكم أني قد زوَّجته. (٤)

* * *


(١) في المطبوعة: " فقال "، أسقط " لي "، وأثبت ما في المخطوطة.
(٢) في المطبوعة: "فأمالها"، وهو لا معنى له البتة. وفي المخطوطة: "فأسالها"، غير منقوطة، وهذا صواب قراءتها. يقال: "شالت الناقة بذنبها وأشالته"، رفعته. ويقال: " أشال الحجر، وشال به، وشاوله "، رفعه، ويقال: " شال السائل بيديه "، إذا رفعهما يسأل بهما.
(٣) الأثر: ١٦٩٩٩ - " القاسم بن بشر بن أحمد بن معروف "، شيخ الطبري، مضى برقم: ١٠٥٠٩، ١٠٥٣١.
و" شبابة "، هو " شبابة بن سوار الفزاري "، روى له الجماعة، مضى برقم: ١٢٨٥١، وقبله. وكان في المطبوعة: " أسامة "، لم يحسن قراءة المخطوطة، فحرفه تحريفًا منكرًا. و " محمد المحرم "، هو " محمد بن عمر المحرم " ويقال هو: " محمد بن عبد الله بن عبيد بن عمير الليثي "، وهو منكر الحديث. سلف بيان حاله برقم: ١٥٩٢٢، تفصيلا، ومواضع ترجمته. وكان في المطبوعة: " محمد المخرمي "، غير ما في المخطوطة بلا دليل ولا بيان، وهو إساءة وخطأ. وهذا خبر منكر جدًا، أشار إليه البخاري في التاريخ الكبير ١ \ ١ \ ٢٤٨ في ترجمة " محمد المحرم "، قال: " عن عطاء، والحسن. منكر الحديث: إذا وعد أخلف، سمع منه شبابة "، يعني هذا الخبر.
(٤) الأثر: ١٧٠٠١ - "مبشر"، هو "مبشر بن إسماعيل الحلبي"، ثقة، من شيوخ أحمد، روى له الجماعة. مترجم في التهذيب، والكبير ٤ \ ٢ \ ١١، وابن أبي حاتم ٤ \ ١ \ ٣٤٣. وكان في المطبوعة: "ميسرة"، تصرف تصرفًا معيبًا، وفي المخطوطة: "مسر" غير منقوطة.
و"هارون بن رياب التميمي الأسيدي"، كان من العباد ممن يخفي الزهد. ثقة. قال ابن حزم: " اليمان، وهارون، وعلي، بنو رياب = كان هارون من أهل السنة، واليمان من أئمة الخوارج، وعلي من أئمة الروافض، وكانوا متعادين كلهم "! ! مترجم في التهذيب، والكبير ٤ \ ٢ \ ٢١٩، وابن أبي حاتم ٤ \ ٢ \ ٨٩.
وأما " عبد الله بن عمرو بن وائل "، فهذا غريب ولكنه صحيح، فإنه " عبد الله بن عمرو بن العاص بن وائل "، فلا أدري لما فعل ذلك في سياق اسمه، إلا أن يكون سقط من الناسخ.
هذا، وقد كان الإسناد في المطبوعة هكذا: " حدثنا القاسم، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريح، قال حدثنا ميسرة "، وقد صححت " ميسرة " قبله، أما " قال حدثني حجاج عن ابن جريج "، فقد كتبها ناسخ المخطوطة، ولكنه ضرب عليها ضربات بالقلم، يعني بذلك حذفه، ولكن الناشر لم يعرف اصطلاحهم في الضرب على الكلام، فأثبت ما حذفته.

<<  <  ج: ص:  >  >>