للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وذلك قريبٌ لمعنى ما قلنا، لأنهم قعدوا بعده على الخلافِ له.

* * *

وقوله: (وكرهوا أن يجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله) ، يقول تعالى ذكره: وكره هؤلاء المخلفون أن يغزُوا الكفار بأموالهم وأنفسهم (١) = (في سبيل الله) ، يعني: في دين الله الذي شرعه لعباده لينصروه، (٢) ميلا إلى الدعة والخفض، وإيثارًا للراحة على التعب والمشقة، وشحًّا بالمال أن ينفقوه في طاعة الله.

* * *

= (وقالوا لا تنفروا في الحر) ، وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم استنفرهم إلى هذه الغزوة، وهي غزوة تبوك، في حرّ شديدٍ، (٣) فقال المنافقون بعضهم لبعض: "لا تنفروا في الحر"، فقال الله لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: (قل) لهم، يا محمد = (نار جهنم) ، التي أعدّها الله لمن خالف أمره وعصى رسوله = (أشد حرًّا) ، من هذا الحرّ الذي تتواصون بينكم أن لا تنفروا فيه. يقول: الذي هو أشد حرًا، أحرى أن يُحذر ويُتَّقى من الذي هو أقلهما أذًى = (لو كانوا يفقهون) ، يقول: لو كان هؤلاء المنافقون يفقهون عن الله وعظَه، ويتدبَّرون آي كتابه، (٤) ولكنهم لا يفقهون عن الله، فهم يحذرون من الحرّ أقله مكروهًا وأخفَّه أذًى، ويواقعون أشدَّه مكروهًا (٥) وأعظمه على من يصلاه بلاءً.

* * *

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:


(١) انظر تفسير " الجهاد " فيما سلف ص: ٣٥٨، تعليق: ١، والمراجع هناك.
(٢) انظر تفسير " سبيل الله " فيما سلف من فهارس اللغة (سبل) .
(٣) انظر تفسير " النفر " فيما سلف ٥٨: ٥٣٦ \ ١٤: ٢٥١، ٢٥٤.
(٤) انظر تفسير "فقه" فيما سلف ص: ٥١، تعليق: ١، والمراجع هناك.
(٥) في المطبوعة والمخطوطة: " ويوافقون أشده مكروهًا "، وهو خطأ من الناسخ، والصواب ما أثبت.

<<  <  ج: ص:  >  >>