للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وإن من الحجارة لحجارة يشقق. وتشققها: تصدعها. (١) وإنما هي: لما يتشقق، ولكن التاء أدغمت في الشين فصارت شينا مشددة.

وقوله: (فيخرج منه الماء) فيكون عينا نابعة وأنهارا جارية.

* * *

القول في تأويل قوله تعالى: {وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ}

قال أبو جعفر: يعني بذلك جل ثناؤه: وإن من الحجارة لما يهبط - أي يتردى من رأس الجبل إلى الأرض والسفح - (٢) من خوف الله وخشيته. وقد دللنا على معنى"الهبوط" فيما مضى، بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع. (٣)

* * *

قال أبو جعفر: وأدخلت هذه"اللامات" اللواتي في"ما"، توكيدا للخبر.

وإنما وصف الله تعالى ذكره الحجارة بما وصفها به - من أن منها المتفجر منه الأنهار، وأن منها المتشقق بالماء، وأن منها الهابط من خشية الله، بعد الذي جعل منها لقلوب الذين أخبر عن قسوة قلوبهم من بني إسرائيل، (٤) مثلا - معذرة منه جل ثناؤه لها، (٥) دون الذين أخبر عن قسوة قلوبهم من بني إسرائيل إذ كانوا بالصفة التي وصفهم الله بها من التكذيب لرسله، والجحود لآياته، بعد الذي أراهم من الآيات والعبر، وعاينوا من عجائب الأدلة والحجج، مع ما أعطاهم تعالى ذكره من صحة العقول، ومن به عليهم من سلامة النفوس التي لم


(١) أسقط ذكر الآية في المطبوعة، كأنه استطال التكرار؛ وأقمنا الكلام على نهج أبي جعفر وفي المطبوعة: "لحجارة تشقق"، ورددتها إلى الصواب أيضًا.
(٢) تردى من الجبل ترديا: طاح وسقط.
(٣) انظر ما سلف ١: ٥٣٤، وهذا الجزء ٢: ١٣٢.
(٤) سياق هذه العبارة: جعل منها مثلا لقلوب الذين.
(٥) وسياق هذه الجملة: وإنما وصف الله بما وصفها به. . معذرة منه لها" أي للحجارة، وما بين ذلك فصل كدأب جعفر رحمه الله.

<<  <  ج: ص:  >  >>