للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فلما رآهم قال: "من هؤلاء الموثِقُون أنفسهم بالسواري؟ قالوا: هذا أبو لبابة وأصحابٌ له تخلفوا عنك، يا رسول الله، [وحلفوا لا يطلقهم أحد] ، حتى تطلقهم، وتعذرهم. (١) فقال النبي عليه السلام: وأنا أقسم بالله لا أطلقهم ولا أعذرهم، حتى يكون الله هو الذي يطلقهم، رغبوا عني وتخلفوا عن الغزو مع المسلمين! فلما بلغهم ذلك قالوا: ونحن لا نطلق أنفسنا حتى يكون الله الذي يطلقنا! (٢) فأنزل الله تبارك وتعالى: (وآخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملا صالحًا وآخر سيئًا عسى الله أن يتوب عليهم) = و"عسى" من الله واجب. فلما نزلت أرسل إليهم النبي صلى الله عليه وسلم فأطلقهم وعَذَرَهُم.

* * *

وقال آخرون: بل كانوا ستة، أحدهم أبو لبابة.

* ذكر من قال ذلك:

١٧١٣٧- حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله: (وآخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملا صالحًا وآخر سيئًا عسى الله) ، إلى قوله: (إن الله غفور رحيم) ، وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم غزا غزوة تبوك، فتخلف أبو لبابة وخمسة معه عن النبي صلى الله عليه وسلم. ثم إن أبا لبابة ورجلين معه تفكّروا وندموا، وأيقنوا بالهلكة، وقالوا: "نكون في الكِنِّ والطمأنينة مع النساء، ورسول الله والمؤمنون معه في الجهاد! والله لنوثقنّ أنفسنا بالسّواري، فلا نطلقها حتى يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم هو يطلقنا ويعذرُنا"، فانطلق أبو لبابة وأوثق نفسه ورجلان معه بسواري المسجد، وبقي ثلاثةُ نفرٍ لم يوثقوا أنفسهم. فرجع رسول الله صلى الله عليه وسلم


(١) في المخطوطة والمطبوعة: " تخلفوا عنك يا رسول الله حتى تطلقهم وتعذرهم "، سقط بعض الكلام وتمامه في الدر المنثور: " وحلفوا أنهم لا يطلقهم أحد حتى تطلقهم وتعذرهم "، وآثرت ما وضعته بين القوسين.
(٢) في المطبوعة والمخطوطة: " ونحن بالله "، وآثرت ما كتبت.

<<  <  ج: ص:  >  >>