رجع إليهم. ففعلوا ذلك. وهذا معنى قول الله جل ثناؤه:(وإرصادًا لمن حارب الله ورسوله من قبل) .
= (وليحلفن إن أردنا إلا الحسنى) ، يقول جل ثناؤه: وليحلفن بانوه: "إن أردنا إلا الحسنى"، ببنائناه، إلا الرفق بالمسلمين، والمنفعة والتوسعة على أهل الضعف والعلة ومن عجز عن المصير إلى مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم للصلاة فيه، (١) وتلك هي الفعلة الحسنة = (والله يشهد إنهم لكاذبون) ، في حلفهم ذلك، وقيلهم:"ما بنيناه إلا ونحن نريد الحسنى! "، ولكنهم بنوه يريدون ببنائه السُّوآى، ضرارًا لمسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكفرًا بالله، وتفريقًا بين المؤمنين، وإرصادًا لأبي عامر الفاسق.
* * *
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
١٧١٨٧- حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله قال، حدثني معاوية، عن ابن عباس قوله:(والذين اتخذوا مسجدًا ضرارًا) ، وهم أناس من الأنصار ابتنوا مسجدًا، فقال لهم أبو عامر: ابنوا مسجدكم، واستعدُّوا بما استطعتم من قوة ومن سلاح، فإني ذاهب إلى قيصر ملك الروم، فآتي بجند من الروم، فأخرج محمدًا وأصحابه! فلما فرغوا من مسجدهم، أتوا النبي عليه الصلاة والسلام فقالوا: قد فرغنا من بناء مسجدنا، فنحبُّ أن تصلي فيه، وتدعو لنا بالبركة! فأنزل الله فيه:(لا تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ) ، إلى قوله:(وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) .
١٧١٨٨- حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله: (والذين اتخذوا مسجدًا
(١) في المطبوعة: " ومن عجز عن المسير "، وأثبت ما في المخطوطة، وهو صواب.