للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

واختلف أهل العربية في معنى قوله: "ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين".

فقال بعض نحويي البصرة: معنى ذلك: ما كان لهم الاستغفار = وكذلك معنى قوله: (وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تُؤْمِنَ) ، وما كان لنفس الإيمان = (إِلا بِإِذْنِ اللَّهِ) ، [يونس: ١٠٠] .

* * *

وقال بعض نحويي الكوفة: معناه: ما كان ينبغي لهم أن يستغفروا لهم. قال: وكذلك إذا جاءت "أن" مع "كان"، فكلها بتأويل: ينبغي، (وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ) [آل عمران: ١٦١] ما كان ينبغي له، ليس هذا من أخلاقه. قال: فلذلك إذا دخلت "أن" لتدل على الاستقبال، (١) لأن "ينبغي" تطلب الاستقبال.

* * *

وأما قوله: "وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه"، فإن أهل العلم اختلفوا في السبب الذي أنزل فيه.

فقال بعضهم: أنزل من أجل أن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه كانوا يستغفرون لموتاهم المشركين، ظنًّا منهم أنّ إبراهيم خليل الرحمن قد فعل ذلك، حين أنزل الله قوله خبرًا عن إبراهيم: (قَالَ سَلامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا) [مريم: ٤٧] .

وقد ذكرنا الرواية عن بعض من حضرنا ذكره، وسنذكر عمن لم نذكره.

١٧٣٣٤- حدثنا ابن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا سفيان، عن أبي إسحاق، عن أبي الخليل، عن علي قال: سمعت رجلا يستغفر لوالديه وهما مشركان، فقلت: أيستغفر الرجل لوالديه وهما مشركان؟ فقال: أولم يستغفر إبراهيم لأبيه؟ قال: فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له،


(١) في المطبوعة والمخطوطة: " تدل " بغير لام، والسياق يقتضي إثباتها.

<<  <  ج: ص:  >  >>