للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عليه وسلم وأمره، فإذا رجعوا رجعوا إلى الكفر. فلما أخبر الله نبيه صلى الله عليه وسلم بهم، قطع ذلك عنهم فلم يكونوا يدخلون. وكان المؤمنون الذين مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يظنون أنهم مؤمنون، فيقولون لهم: أليس قد قال الله لكم كذا وكذا؟ فيقولون: بلى! فإذا رجعوا إلى قومهم [يعني الرؤساء]- قالوا: أتحدثونهم بما فتح الله عليكم"، الآية. (١)

* * *

وأصل"الفتح" في كلام العرب: النصر والقضاء، والحكم. يقال منه:"اللهم افتح بيني وبين فلان"، أي احكم بيني وبينه، ومنه قول الشاعر:

ألا أبلغ بني عُصْمٍ رسولا ... بأني عن فُتاحَتكم غني (٢)

قال أبو جعفر: قال: ويقال للقاضي:"الفتاح" (٣) ومنه قول الله عز وجل: (رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ) [الأعراف: ٨٩] أي احكم بيننا وبينهم.

* * *

فإذا كان معنى الفتح ما وصفنا، تبين أن معنى قوله: (قالوا أتحدثونهم بما فتح الله عليكم ليحاجوكم به عند ربكم) إنما هو أتحدثونهم بما حكم الله به عليكم، وقضاه فيكم؟ ومن حكمه جل ثناؤه عليهم ما أخذ به ميثاقهم من الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم، وبما جاء به في التوراة. ومن قضائه فيهم أن جعل منهم القردة والخنازير، وغير ذلك من أحكامه وقضائه فيهم. وكل ذلك كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم وللمؤمنين به، حجةً على المكذبين من اليهود


(١) الأثر: ١٣٤٩ في ابن كثير ١: ٢١٣ - ٢١٤، والزيادة بين القوسين منه.
(٢) ينسب للأسعر الجعفي، ومحمد بن حمران بن أبي حمران. انظر تعليق الراجكوتي في سمط اللآلئ: ٩٢٧.
(٣) أمالي القالي ٢: ٢٨١ واللسان (فتح) (رسل) ، وغيرهما، وبنو عصم، هم رهط عمرو ابن معد يكرب الزبيدي. وقد اختلفت روايات البيت اختلافا شديدا، وليس هذا مكان تحقيقها، لطولها.

<<  <  ج: ص:  >  >>