للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . (١)

* * *

وقوله: (تجري من تحتهم الأنهار) ، يقول: تجري من تحت هؤلاء المؤمنين الذين وصف جل ثناؤه صفتهم، أنهار الجنة= (في جنات النعيم) ، يقول في بساتين النعيم، الذي نعَّم الله به أهل طاعته والإيمان به. (٢)

* * *

فإن قال قائل: وكيف قيل: (تجري من تحتهم الأنهار) ، وإنما وصف جل ثناؤه أنهار الجنة في سائر القرآن أنها تجري تحت الجنات؟ وكيف يمكن الأنهار أن تجري من تحتهم، إلا أن يكونوا فوق أرضها والأنهار تجري من تحت أرضها؟ وليس ذلك من صفة أنهار الجنة، لأن صفتها أنها تجري على وجه الأرض في غير أخاديد؟

قيل: إن معنى ذلك بخلاف ما إليه ذهبتَ، وإنما معنى ذلك: تجري من دونهم الأنهار إلى ما بين أيديهم في بساتين النعيم، وذلك نظير قول الله: (قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا) [سورة مريم: ٢٤] . ومعلوم أنه لم يجعل "السري" تحتها وهي عليه قاعدة= إذ كان "السري" هو الجدول= وإنما عني به: جعل دونها: بين يديها، وكما قال جل ثناؤه مخبرًا عن قيل فرعون، (أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي) ، [سورة الزخرف: ٥١] ، بمعنى: من دوني، بين يديّ.

* * *


(١) لم يذكر شيئًا بعد قوله: " ذكر من قال ذلك "، وفي هامش المخطوطة " كذا "، وهو دليل على أنه سقط قديم.
(٢) انظر تفسير " جنات النعيم " فيما سلف ١٠: ٤٦١، ٤٦٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>