للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ياء الجمع لما حذفت خففت الياء الأصلية - أعني من"الأماني" - كما جمعوا"الأثفية""أثافي" مخففة، كما قال زهير بن أبي سلمى:

أثافيَ سُفْعا في مُعَرَّسِ مِرْجَل ... ونُؤْيا كجِذم الحوض لم يَتَثَلَّم (١)

وأما من ثقل: (أماني) فشدد ياءها، فإنه وجه ذلك إلى نحو جمعهم"المفتاح مفاتيح، والقرقور قراقير، والزنبور زنابير"، فاجتمعت ياء"فعاليل" ولامها، وهما جميعا ياآن، فأدغمت إحداهما في الأخرى، فصارتا ياء واحدة مشددة.

* * *

فأما القراءة التي لا يجوز غيرها عندي لقارئ في ذلك، فتشديد ياء"الأماني"، لإجماع القَرَأَة على أنها القراءة التي مضى على القراءة بها السلف - مستفيض ذلك بينهم، غير مدفوعة صحته - وشذوذ القارئ بتخفيفها عما عليه الحجة مجمعة في ذلك. (٢) وكفى دليلا على خطأ قارئ ذلك بتخفيفها، (٣) إجماعها على تخطئته.

* * *

القول في تأويل قوله تعالى: {وَإِنْ هُمْ إِلا يَظُنُّونَ (٧٨) }

قال أبو جعفر: يعني بقوله جل ثناؤه: (وإن هم إلا يظنون) ، وما هم، كما قال جل ثناؤه: (قَالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِنْ نَحْنُ إِلا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ) [إبراهيم: ١١] ، يعني بذلك: ما نحن إلا بشر مثلكم.

* * *

ومعنى قوله: (إلا يظنون) : إلا يشكون، ولا يعلمون حقيقته وصحته. و"الظن" - في هذا الموضع- الشك.


(١) ديوانه: ٧ المرجل: قدر يطبخ فيها، ومعرس المرجل: حيث يقام فيه، من التعريس: وهو النزول والإقامة، وسفع جمع أسفع: والسفعة: سواد تخالطه حمرة، من أثر النار ودخانها. والنؤي: ما يقام من الحجارة حول الخباء حتى لا يدخله ماء المطر. وجذم الحوض: حرفه وأصله. يعني: النؤي قد ذهب أعلاه وبقى أصله لم يتحطم، كبقايا الحوض. يقول: عرفت الدار بهذه الآثار، قبله: "فلأيا عرفت الدار بعد توهم"، "ونصب"أثافي" بقوله: "توهم".
(٢) سياق العبارة: لإجماع القَرَأَة على أنها القراءة. . وعلى شذوذ القارئ بتخفيفها" على العطف.
(٣) في المطبوعة: "وكفى خطأ على قارئ ذلك"، وهو ليس بكلام صحيح، والصواب ما أثبته، استظهار من عبارة الطبري، فيما سلف من أشباه ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>