وقد روي عن ابن عباس خبرٌ يدل على خلاف هذا القول، وذلك ما:-
١٧٧٨٢- حدثني به المثنى قال، حدثنا أبو صالح قال، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس، قوله:(ذرية من قومه) ، يقول: بني إسرائيل.
* * *
=فهذا الخبر، ينبئ عن أنه كان يرى أن "الذرية" في هذا الموضع، (١) هم بنو إسرائيل دون غيرهم من قوم فرعون.
* * *
قال أبو جعفر: وأولى هذه الأقوال عندي بتأويل الآية، القولُ الذي ذكرته عن مجاهد، وهو أن "الذرية"، في هذا الموضع أريد بها ذُرّية من أرسل إليه موسى من بني إسرائيل، فهلكوا قبل أن يقرُّوا بنبوته لطول الزمان، فأدركت ذريّتهم، فآمن منهم من ذكر الله، بموسى.
وإنما قلت:"هذا القولُ أولى بالصواب في ذلك"، لأنه لم يجر في هذه الآية ذكرٌ لغير موسى، فَلأن تكون "الهاء"، في قوله:"من قومه"، من ذكر موسى لقربها من ذكره، أولى من أن تكون من ذكر فرعون، لبعد ذكره منها، إذ لم يكن بخلاف ذلك دليلٌ، من خبرٍ ولا نظرٍ.
وبعدُ، فإن في قوله:(على خوف من فرعون وملئهم) ، الدليلُ الواضح على أن الهاء في قوله:(إلا ذرية من قومه) ، من ذكر موسى، لا من ذكر فرعون، لأنها لو كانت من ذكر فرعون لكان الكلام، "على خوف منه"، ولم يكن (على خوف من فرعون) .
* * *
وأما قوله:(على خوف من فرعون) ، فإنه يعني على حال خوف ممن آمن من ذرية قوم موسى بموسى = فتأويل الكلام: فما آمن لموسى إلا ذرية من قومه، من بني إسرائيل، وهم خائفون من فرعون وملئهم أن يفتنوهم.
* * *
(١) في المطبوعة: " ينبئ عنه "، وأثبت ما في المخطوطة.