للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أيوب، عن محمد بن عجلان، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار. قال: ويل، واد في جهنم، لو سيرت فيه الجبال لانماعت من شدة حره. (١)

* * *

قال أبو جعفر: إن قال لنا قائل: ما وجه قوله: (٢) (فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم) ؟ وهل تكون الكتابة بغير اليد، حتى احتاج المخاطبون بهذه المخاطبة، إلى أن يخبروا عن هؤلاء - القوم الذين قص الله قصتهم - أنهم كانوا يكتبون الكتاب بأيديهم؟

قيل له: إن الكتاب من بني آدم، وإن كان منهم باليد، فإنه قد يضاف الكتاب إلى غير كاتبه وغير المتولي رسم خطه فيقال: كتب فلان إلى فلان بكذا"، وإن كان المتولي كتابته بيده، غير المضاف إليه الكتاب، إذا كان الكاتب كتبه بأمر المضاف إليه الكتاب. فأعلم ربنا بقوله: (فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم) عباده المؤمنين، أن أحبار اليهود تلي كتابة الكذب والفرية على الله بأيديهم، على علم منهم وعمد للكذب على الله، ثم تنحله إلى أنه من عند الله وفي كتاب الله، (٣) تَكَذُّبا على الله وافتراء عليه. فنفى جل ثناؤه بقوله: (يكتبون الكتاب بأيديهم) ، أن يكون ولي كتابة ذلك بعض جهالهم بأمر علمائهم وأحبارهم. وذلك نظير قول القائل:"باعني فلان عينُه كذا وكذا، فاشترى فلان نفسه كذا"، يراد بإدخال"النفس والعين" في ذلك، نفي اللبس عن سامعه، أن يكون المتولي بيع ذلك أو شراءه، غير الموصوف له أمره، (٤)

ويوجب حقيقة الفعل للمخبر


(١) سيرت: أدخلت ودفعت لتسير. وانماع الملح في الماء: ذاب. وفي اللسان روى تفسير عطاء، وفيه: "لماعت"، أي ذابت وسالت.
(٢) في المطبوعة: "فما وجه فويل للذين. . "، كأنه سقط حرف من ناسخ أو طابع.
(٣) يقال: نحل فلان فلانا شعرا: نسبه إليه باطلا. وكره الطبري أن يقول ما لا يجوز لأحد في ذكر ربه سبحانه وتعالى، فانتهج طريقا في أساليب العربية، فقال: "فنحله إلى أنه من عند الله" أي نسبه باطلا إلى أنه من عند الله. ولم يعد الفعل إلى مفعوليه.
(٤) كان في المطبوعة: "أن يكون المتولى بيع ذلك وشراءه، غير الموصوف به بأمره" وهو كلام غير واضح ولا مفهوم، فآثرت أن أصححه ما استطعت.

<<  <  ج: ص:  >  >>