للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أعلم: مدفوق = وقوله: (فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ) ، معناها: مرضية؟ قال الشاعر: (١)

دَعِ الْمَكَارِمَ لا تَرْحَلْ لِبُغْيَتِهَا ... وَاقْعُدْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الطَّاعِمُ الْكَاسِي (٢)

ومعناه: المكسوُّ.

* * *

وقال بعض نحويّي البصرة: (لا عاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم) ، على: "لكن من رحم"، ويجوز أن يكون على: لا ذا عصمة: أي: معصوم، ويكون (إلا من رحم) ، رفعًا بدلا من "العاصم".

* * *

قال أبو جعفر: ولا وجه لهذه الأقوال التي حكيناها عن هؤلاء، لأن كلام الله تعالى إنما يُوَجَّه إلى الأفصح الأشهر من كلام من نزل بلسانه، ما وُجِد إلى ذلك سبيل.

ولم يضطرَّنا شيء إلى أن نجعل "عاصمًا" في معنى "معصوم"، ولا أن نجعل "إلا" بمعنى "لكن"، إذ كنا نجد لذلك في معناها الذي هو معناه في المشهور من كلام العرب مخرجًا صحيحًا، وهو ما قلنا من أنَّ معنى ذلك: قال نوح: لا عاصم اليوم من أمر الله، إلا من رحمَنا فأنجانا من عذابه، كما يقال: "لا مُنجي اليوم من عذاب الله إلا الله" = " ولا مطعم اليومَ من طعام زيد إلا زيد".


(١) هو الحطيئة.
(٢) ديوانه: ٥٤، وطبقات فحول الشعراء: ٩٨، واللسان (طعم) ، (كسا) ، ومعاني القرآن للفراء، وغيرها كثير، في خبره المشهور لما ذم الزبرقان، واستعدى عليه عمر بن الخطاب، وقال عمر لحسان: أهجاه؟ قال: لا، ولكنه ذرق عليه! وقد فسرته على أن " الطاعم " و" الكاسي "، على النسب، أي: ذو الطعام، يشتهيه ويستجيده من شرهه = وذو الكسوة، يتخيرها ويتأنق فيها، لا هم له في المكارم. ولذلك قال الزبرقان لعمر: أو ما تبلغ مروءتي إلا أن آكل وألبس! ! ومثل هذا قول عبد الرحمن بن حسان: إنِّي رأَيْتُ مِنَ المَكَارِمِ حَسْبَكُم ... أَن تَلْبَسُوا حُرَّ الثِّيَابِ وَتَشْبَعُوا
.

<<  <  ج: ص:  >  >>