قال أبو جعفر: والصواب من القراءة في ذلك عندنا ما عليه قراء الأمصار، وذلك رفع (عَمَلٌ) بالتنوين، ورفع (غَيْرُ) ، يعني: إن سؤالك إياي ما تسألنيه في أبنك = المخالفِ دينَك، الموالي أهل الشرك بي من النجاة من الهلاك، وقد مضت إجابتي إياك في دعائك:(لا تَذَر على الأرض مع الكافرين ديَّارًا) ، ما قد مضى من غير استثناء أحد منهم = (١) عملٌ غير صالح، لأنَّه مسألة منك إليّ أن لا أفعل ما قد تقدّم مني القول بأني أفعله، في إجابتي مسألتك إياي فعله. فذلك هو العمل غير الصالح.
* * *
وقوله:(فلا تسألن ما ليس لك به علم) ، نهيٌ من الله تعالى ذكرهُ نبيه نوحًا أن يسأله أسباب أفعاله التي قد طوى علمها عنه وعن غيره من البشر. يقول له تعالى ذكره: إني يا نوح قد أخبرتك عن سؤالك سبب إهلاكي ابنك الذي أهلكته، فلا تسألن بعدها عما قد طويتُ علمه عنك من أسباب أفعالي، وليس لك به علم= "إني أعظك أن تكون من الجاهلين" في مسألتك إياي عن ذلك.
* * *
وكان ابن زيد يقول في قوله:(إني أعظك أن تكون من الجاهلين) ، ما:-
١٨٢٤٩- حدثني به يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله:(إني أعظك أن تكون من الجاهلين) ، أنْ تبلغ الجهالة بك أن لا أفي لك بوعد وعدتك، حتى تسألني ما ليس لك به علم = (وإلا تغفر لي وترحمني أكن من الخاسرين) .
* * *
واختلفت القراء في قراءة قوله:(فلا تسألن ما ليس لك به علم) ، فقرأ ذلك عامة قراء الأمصار (فَلا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْم) ، بكسر النون وتخفيفها = ونحْوًا بكسرها إلى الدلالة على "الياء" التي هي كناية اسم الله
(١) السياق: " إن سؤالك إياي. . . عمل غير صالح "، فقوله " عمل "، خبر " إن " في صدر الجملة.