للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فكذلك قوله: (وإذ أخذنا ميثاق بني إسرائيل لا تعبدون إلا الله) و (لا يعبدون) . من قرأ ذلك"بالتاء" فمعنى الخطاب، إذ كان الخطاب قد كان بذلك. ومن قرأ"بالياء" فلأنهم ما كانوا مخاطبين بذلك في وقت الخبر عنهم.

* * *

وأما رفع"لا تعبدون"، فبالتاء التي في"تعبدون"، ولا ينصب بـ "أن" التي كانت تصلح أن تدخل مع (لا تعبدون إلا الله) . لأنها إذا صلح دخولها على فعل فحذفت ولم تدخل، كان وجه الكلام فيه الرفع، كما قال جل ثناؤه: (قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجَاهِلُونَ) [الزمر: ٦٤] ، فرفع"أعبد" إذ لم تدخل فيها"أن" - بالألف الدالة على معنى الاستقبال، وكما قال الشاعر: (١)

ألا أيهذا الزاجري أحضرُ الوغى ... وأن أشهد اللذات هل أنت مخلدي (٢)

فرفع"أحضر" وإن كان يصلح دخول"أن" فيها -إذ حذفت، بالألف التي تأتي بمعنى الاستقبال.

وإنما صلح حذف"أن" من قوله: (وإذ أخذنا ميثاق بني إسرائيل لا تعبدون) ، لدلالة ما ظهر من الكلام عليها، فاكتفى - بدلالة الظاهر عليها - منها. (٣)

* * *

وقد كان بعض نحويي البصرة يقول: معنى قوله: (وإذ أخذنا ميثاق بني إسرائيل لا تعبدون إلا الله) ، حكاية، كأنك قلت: استحلفناهم: لا تعبدون، أي قلنا لهم: والله لا تعبدون - وقالوا: والله لا يعبدون. والذي قال من ذلك، قريب معناه من معنى القول الذي قلنا في ذلك.


(١) هو طرفة بن العبد.
(٢) ديوانه: ٣١٧ (أشعار الستة الجاهليين) ، من معلقته النفيسة وسيأتي في ٢١: ٢٢ / ٣٠: ١٣٠ (بولاق) ، وسيبويه ١: ٤٥٢.
(٣) انظر معاني القرآن للفراء ١: ٥٣ - ٥٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>