للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بينهما ذلك المولود. وكان في المدينة ثمانية رهط يفسدون في الأرض ولا يصلحون، فلما قال لهم صالح: "إنما يعقرها مولود فيكم"، اختاروا ثماني نسوة قوابل من القرية، وجعلوا معهن شُرَطًا كانوا يطوفون في القرية، فإذا وجدُوا المرأة تمخَضُ، نظروا ما ولدُها إن كان غلامًا قلَّبنه فنظرن ما هو (١) وإن كانت جارية أعرضن عنها. فلما وجدوا ذلك المولود صرخ النسوة وقلن: "هذا الذي يريد رسول الله صالح "، فأراد الشرط أن يأخذوه، فحال جدّاه بينهم وبينه، وقالا لو أن صالحًا أراد هذا قتلناه! فكان شرَّ مولود، وكان يشبُّ في اليوم شباب غيره في الجمعة، ويشبّ في الجمعة شباب غيره في الشهر، ويشب في الشهر شباب غيره في السنة. فاجتمع الثمانية الذين يفسدون في الأرض ولا يصلحون، وفيهم الشيخان، فقالوا: "استعمل علينا هذا الغلام " (٢) لمنزلته وشرَف جديه، فكانوا تسعة. وكان صالح لا ينام معهم في القرية، كان في مسجد يقال له: "مسجد صالح"، فيه يبيت بالليل، فإذا أصبح أتاهم فوعظهم وذكرهم، وإذا أمسى خرج إلى مسجده فبات فيه".

= قال حجاج: وقال ابن جريج: لما قال لهم صالح: "إنه سيولد غلام يكون هلاككم على يديه"، قالوا: فكيف تأمرنا؟ قال: آمركم بقتلهم! فقتلوهم إلا واحدًا. قال: فلما بلغ ذلك المولود، قالوا: لو كنا لم نقتل أولادَنا، لكان لكل رجل منا مثل هذا، هذا عملُ صالح! فأتمروا بينهم بقتله، وقالوا: نخرج مسافرين والناس يروننا علانيةً، ثم نرجع من ليلة كذا من شهر كذا وكذا، فنرصده عند مصلاه فنقتله، فلا يحسب الناس إلا أنَّا مسافرون، كما نحن! فأقبلوا حتى دخلوا تحت صخرة يرصُدُونه، فأرسل الله عليهم الصخرة فرضَخَتهم، فأصبحوا رَضْخًا. فانطلق رجال ممَّن قد اطلع على ذلك منهم، فإذا هم رضْخٌ، فرجعوا


(١) في التاريخ: " فإن كان ولدا قتلنه "، ليس فيه هذا الذي في روايته في التفسير، وهي أحسن الروايتين إن شاء الله.
(٢) في المطبوعة: " تستعمل "، وأثبت ما في المطبوعة والتاريخ.

<<  <  ج: ص:  >  >>