وقد زعم بعضهم أن معناه إذا قرئ كذلك: نحن سِلْمٌ لكم = من "المسالمة" التي هي خلاف المحاربة.
وهذه قراءة عامَّة قراء الكوفيين.
* * *
وقرأ ذلك عامة قراء الحجاز والبصرة، (قَالُوا سَلامًا قَالَ سَلامٌ) ، على أن الجواب من إبراهيم صلى الله عليه وسلم لهم، بنحو تسليمهم: عليكم السلام.
* * *
والصواب من القول في ذلك عندي: أنهما قراءتان متقاربتا المعنى، لأن "السلم " قد يكون بمعنى "السلام " على ما وصفت، و"السلام " بمعنى "السلم"، لأن التسليم لا يكاد يكون إلا بين أهل السّلم دون الأعداء، فإذا ذكر تسليم من قوم على قوم، ورَدُّ الآخرين عليهم، دلّ ذلك على مسالمة بعضهم بعضًا. وهما مع ذلك قراءتان قد قرأ بكل واحدة منهما أهل قدوة في القراءة، فبأيَّتهما قرأ القارئ فمصيبٌ الصوابَ.
* * *
وقوله:(فما لبث أن جاء بعجل حنيذ) .
* * *
= وأصله "محنوذ"، صرف من "مفعول" إلى "فعيل".
* * *
وقد اختلف أهل العربية في معناه، فقال بعض أهل البصرة منهم (١) معنى "المحنوذ": المشويّ، قال: ويقال منه: "حَنَذْتُ فرسي"، بمعنى سخَّنته وعرَّقته. واستشهد لقوله ذلك ببيت الراجز: