وهي مثل ألف الندبة، فلطفت من أن تكون في السكت، وجعلت بعدها الهاء لتكون أبين لها، وأبعد في الصوت. ذلك لأن الألف إذا كانت بين حرفين كان لها صدًى كنحو الصوت يكون في جوف الشيء فيتردد فيه، فتكون أكثر وأبين.
* * *
وقال غيره: هذه ألف الندبة، فإذا وقفت عليها فجائز، وإن وقفت على الهاء فجائز، وقال: ألا ترى أنهم قد وقفوا على قوله: (ويَدْعُو الإنْسَانُ) ، [سورة الإسراء: ١١] ، فحذفوا الواو وأثبتوها، وكذلك:(ما كُنَّا نَبْغِي) ، [سورة الكهف: ٦٤] ، بالياء، وغير الياء؟ قال: وهذا أقوى من ألف الندبة وهائها.
* * *
قال أبو جعفر: والصواب من القول في ذلك عندي أن هذه الألف ألف الندبة، والوقف عليها بالهاء وغير الهاء جائز في الكلام لاستعمال العرب ذلك في كلامهم.
* * *
وقوله:(أألد وأنا عجوز) ، تقول: أنى يكون لي ولد = (وأنا عجوز وهذا بعلي شيْخًا) ، والبعل في هذا الموضع: الزوج، وسمي بذلك لأنه قيم أمرها، كما سموا مالك الشيء "بعله"، وكما قالوا للنخل التي تستغني بماء السماء عن سقي ماء الأنهار والعيون "البعل"، لأن مالك الشيء القيم به، والنخل البعل، بماء السمَاء حياتُه. (١)
* * *
وقوله = (إن هذا لشيء عجيب) ، يقول: إن كون الولد من مثلي ومثل بعلي على السن التي بها نحن لشيء عجيب = (قالوا أتعجبين من أمر الله) ،
(١) انظر تفسير " البعل " فيما سلف ٤: ٥٢٦، ٥٢٧ / ٩: ٢٦٧، ولم يذكر فيهما مثل هذا التفصيل في معناه. وهذا من فعله، دال على طريقته في التأليف.