فإن قال قائل: وكيف قيل: (أصلواتك تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا أو أن نفعل في أموالنا ما نشاء) ، وإنما كان شعيب نهاهم أن يفعلوا في أموالهم ما قد ذكرتَ أنه نهاهم عنه فيها؟
قيل: إن معنى ذلك بخلاف ما توهَّمت. وقد اختلف أهل العربية في معنى ذلك.
فقال بعض البصريين: معنى ذلك: أصلواتك تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا، أو أن نترك أن نفعل في أموالنا ما نشاء = وليس معناه: تأمرك أن نفعل في أموالنا ما نشاء، لأنه ليس بذا أمرهم.
* * *
وقال بعض الكوفيين نحو هذا القول قال. وفيها وجه آخر يجعل الأمر كالنهي، كأنه قال: أصلواتك تأمرك بذا، وتنهانا عن ذا؟ فهي حينئذ مردودة على أن الأولى منصوبة بقوله "تأمرك "، وأن الثانية منصوبة عطفًا بها على "ما" التي في قوله: (ما يعبد) . وإذا كان ذلك كذلك، كان معنى الكلام: أصلواتك تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا، أو أن نترك أن نفعل في أموالنا ما نشاء.
* * *
وقد ذكر عن بعض القراء أنه قرأه (مَا تَشَاء) .
* * *
قال أبو جعفر: فمن قرأ ذلك كذلك، فلا مؤونة فيه، وكانت "أن" الثانية حينئذ معطوفة على "أن" الأولى.
* * *
وأما قوله لشعيب:(إنك لأنت الحليم الرشيد) فإنهم أعداء الله، قالوا ذلك له استهزاءً به، وإنما سفَّهوه وجهَّلوه بهذا الكلام.