للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الجنة وأهل النار قد كانوا في وقت من أوقاتِ دوام السموات والأرض في الدنيا، لا في الجنة، فكأنه قال: خالدين في الجنة، وخالدين في النار، دوامَ السماء، والأرض، إلا ما شاء ربُّك من تعميرهم في الدنيا قبلَ ذلك.

* * *

قال أبو جعفر: وأولى الأقوال في ذلك عندي بالصواب، القولُ الذي ذكرته عن الضحاك، وهو (وأما الذين سعدوا ففي الجنة خالدين فيها ما دامت السموات والأرض إلا ما شاء ربك) ، من قدر مُكْثِهم في النار، من لدن دخلوها إلى أن ادخلوا الجنة، وتكون الآية معناها الخصوص، لأن الأشهر من كلام العرب في "إلا" توجيهها إلى معنى الاستثناء، وإخراج معنى ما بعدها مما قبلها، إلا أن يكون معها دلالةٌ تدلُّ على خلاف ذلك. ولا دلالة في الكلام = أعني في قوله: (إلا ما شاء ربك) = تدلُّ على أن معناها غير معنى الاستثناء المفهوم في الكلام، فيُوَجَّه إليه.

* * *

وأما قوله: (عطاء غير مجذوذ) ، فإنه يعني: عطاءً من الله غيرَ مقطوع عنهم.

* * *

من قولهم: "جذذت الشيء أجذّه جذًّا"، إذا قطعته، كما قال النابغة: (١)

تَجذُّ السَّلُوقِيَّ المُضَاعَفَ نَسْجُهُ ... وَيوقِدْنَ بِالصُّفَّاحِ نَارَ الحُبَاحِبِ (٢)


(١) في المخطوطة: " كما قال الشاعر النابغة "، وهي زيادة لا تجدي.
(٢) ديوانه: ٤٤، واللسان (حبحب) ، (سلق) ، (صفح) ، من قصيدته المشهورة، يقول فيه قبله، في صفة سيوف الغسانيين، وذلك في مدحه عمرو بن الحراث الأعرج: وَلاَ عَيْبَ فِيهِمْ غَيْرَ أَنَّ سُيُوفَهُمْ ... بِهِنَّ فُلُولٌ مِنْ قِرَاعِ الْكَتَائِبِ
تُوُرِّثْن مِنْ أَزْمَانِ يَوْمِ حَلِيمةٍ ... إلى اليَوْمِ قَدْ جُرِّبنَ كُلَّ التَّجَارِبِ
تَقُدُّ السُّلُوقيّ. . . . . . . ... . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وهذه رواية الديوان. و " السلوقي "، الدروع، منسوبة إلى " سلوق "، وهي مدينة. و " الصفاح " حجارة عراض. و " نار الحباحب "، الشرر الذي يسقط من الزناد. ورواية الديوان: " وتوقد بالصفاح "، وهما سواء.

<<  <  ج: ص:  >  >>