للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

طلوعها، وذلك ما لا نعلم قائلا قاله، إلا من قال: "عنى بذلك صلاة الظهر والعصر". وذلك قول لا يُخِيلُ فساده، (١) لأنهما إلى أن يكونا جميعًا من صلاة أحد الطرفين، أقربُ منهما إلى أن يكونا من صلاة طرفي النهار. وذلك أن "الظهر" لا شك أنها تصلَّى بعد مضي نصف النهار في النصف الثاني منه، فمحالٌ أن تكون من طرف النهار الأول، وهي في طرفه الآخر.

فإذا كان لا قائلَ من أهل العلم يقول: "عنى بصلاة طرف النهار الأول صلاةً بعد طلوع الشمس"، وجب أن يكون غير جائز أن يقال: "عنى بصلاة طرف النهار الآخر صلاةً قبل غروبها".

وإذا كان ذلك كذلك، صح ما قلنا في ذلك من القول، وفسدَ ما خالفه.

* * *

وأما قوله: (وزلفًا من الليل) ، فإنه يعني: ساعاتٍ من الليل.

* * *

وهي جمع "زُلْفة"، و"الزلفة"، الساعة، والمنزلة، والقربة، وقيل: إنما سميت "المزدلفة " و"جمع " من ذلك، لأنها منزلٌ بعد عرفة = وقيل سميت بذلك، لازدلاف آدم من عَرَفة إلى حواء وهي بها، ومنه قول العجاج في صفة بعير:

ناجٍ طَوَاهُ الأَيْنُ مِمَّا وجَفا ... طَيَّ اللَّيالِي زُلَفًا فَزُلَفَا (٢)

* * *


(١) في المطبوعة: " لا نحيل فساده "، وهو كلام فاسد، وفي المخطوطة غير منقوطة. يقال: " أخال الشيء "، اشتبه. يقال " هذا الأمر لا يخيل على أحد "، أي لا يشكل. و " شيء مخيل "، مشكل. وقد مضى مثله وعلقت عليه في أوائل الكتاب، في مواضع.
(٢) ديوانه: ٨٤، مجاز القرآن ١: ٣٠٠، وسيبويه ١: ١٨٠، واللسان (زلف) ، (حقف) ، (سما) ، (وجف) وغيرها كثير، وسيأتي في التفسير ١٩: ٥١ (بولاق) . وبعده هناك: سَمَاوَةَ الهِلاَلِ حَتَّى احْقَوْقَفَا
" الأين "، التعب. " وجف " من " الوجيف "، وهو سرعة السير. و " سماوة الهلال " شخصه، إذا ارتفع في الأفق شيئًا. و " احقوقف " اعوج.

<<  <  ج: ص:  >  >>