وقرأ ذلك عامة قرأة الكوفيين:(يا بُشْرَى) بإرسال الياء وترك الإضافة.
وإذا قرئ ذلك كذلك احتمل وجهين من التأويل:
أحدهما ما قاله السدي، وهو أن يكون اسم رجل دعاه المستقي باسمه، كما يقال:"يا زيد"، و"يا عمرو"، فيكون"بشرى" في موضع رفع بالنداء.
والآخر: أن يكون أرادَ إضافة البشرى إلى نفسه، فحذف الياء وهو يريدها، فيكون مفردًا وفيه نيَّة الإضافة، كما تفعل العرب في النداء فتقول:"يا نفس اصبري"، و"يا نفسي اصبري"، و"يا بُنَيُّ لا تفعل"، و"يا بُنَيِّ لا تفعل"، فتفرد وترفع، وفيه نية الإضافة. وتضيف أحيانًا فتكسر، كما تقول:"يا غلامِ أقبل"، و"يا غلامي أقبل".
* * *
قال أبو جعفر: وأعجب القراءة في ذلك إليَّ قراءةُ من قرأه بإرسال الياء وتسكينها ; لأنه إن كان اسم رجل بعينِه كان معروفًا فيهم كما قال السدي، فتلك هي القراءة الصحيحة لا شك فيها (١) . وإن كان من التبشير فإنه يحتمل ذلك إذا قرئ كذلك على ما بيَّنت.
وأما التشديد والإضافة في الياء، فقراءة شاذة، لا أرى القراءة بها، وإن كانت لغة معروفة ; لإجماع الحجة من القرأة على خلافها.
* * *
وأما قوله:(وأسروه بضاعة) فإن أهل التأويل اختلفوا في تأويله.
فقال بعضهم: وأسرَّه الوارد المستقي وأصحابُه من التجار الذين كانوا معهم، وقالوا لهم": هو بضاعة استبضعناها بعضَ أهل مصر" ; لأنهم خافوا إن علموا أنهم اشتروه بما اشتروه به أن يطلبوا منهم فيه الشركة.
* ذكر من قال ذلك:
(١) في المطبوعة والمخطوطة:" فذلك هي....."، والأجود ما أثبت.