للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بتسكين اللام - بمعنى أنها في أغشية وأغطية، لاجتماع الحجة من الْقَرَأَة وأهل التأويل على صحتها، وشذوذ من شذ عنهم بما خالفه، من قراءة ذلك بضم"اللام".

وقد دللنا على أن ما جاءت به الحجة متفقة عليه، حجة على من بلغه. وما جاء به المنفرد، فغير جائز الاعتراض به على ما جاءت به الجماعة التي تقوم بها الحجة نقلا وقولا وعملا في غير هذا الموضع، فأغنى ذلك عن إعادته في هذا المكان. (١) .

* * *

القول في تأويل قوله تعالى: {بَلْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ}

قال أبو جعفر: يعني جل ثناؤه بقوله: (بل لعنهم الله) ، بل أقصاهم الله وأبعدهم وطردهم وأخزاهم وأهلكهم بكفرهم، وجحودهم آيات الله وبيناته، وما ابتعث به رسله، وتكذيبهم أنبياءه. فأخبر تعالى ذكره أنه أبعدهم منه ومن رحمته بما كانوا يفعلون من ذلك.

* * *

وأصل"اللعن" الطرد والإبعاد والإقصاء يقال:"لعن الله فلانا يلعنه لعنا، وهو ملعون". ثم يصرف"مفعول": فيقال: هو"لعين". ومنه قول الشماخ بن ضرار:

ذعرت به القطا ونفيت عنه ... مكان الذئب كالرجل اللعين (٢)

* * *

قال أبو جعفر: في قول الله تعالى ذكره: (بل لعنهم الله بكفرهم) تكذيب منه للقائلين من اليهود: (قلوبنا غلف) . لأن قوله: (بل) دلالة على جحده جل


(١) انظر ما سلف في هذا الجزء ٢: ٢١٠، ٢١١، ٢٦٥، ٢٩٥
(٢) ديوانه: ٩٢، ومجاز القرآن ٤٦١، وسيأتي في ٢: ٣٣ (بولاق) ، وروايته هناك وفي ديوانه،"مقام الذئب" والضمير في"به" إلى"ماء" في قوله قبله: وماء قد وردت لوصل أروى ... عليه الطير كالورق اللجين
وأراد في البيت: مقام الذئب الطريد اللعين كالرجل. والرجل اللعين المطرود لا يزال منتبذا عن الناس، شبه الذئب به، يعني في ذله وشدة مخافته وذعره.

<<  <  ج: ص:  >  >>