للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ما نحن متقنوه إن شاء الله. وهو أن الله جل ثناؤه أخبر أنه لعن الذين وصف صفتهم في هذه الآية، ثم أخبر عنهم أنهم قليلو الإيمان بما أنزل الله إلى نبيه محمد صلى الله عليه وسلم. ولذلك نصب قوله: (فقليلا) ، لأنه نعت للمصدر المتروك ذكره. ومعناه: بل لعنهم الله بكفرهم، فإيمانا قليلا ما يؤمنون. فقد تبين إذًا بما بينا فساد القول الذي روي عن قتادة في ذلك. لأن معنى ذلك، لو كان على ما روي من أنه يعني به: فلا يؤمن منهم إلا قليل، أو فقليل منهم من يؤمن، لكان"القليل" مرفوعا لا منصوبا. لأنه إذا كان ذلك تأويله، كان"القليل" حينئذ مرافعا"ما". فإذْ نصب"القليل" - و"ما" في معنى"من" أو"الذي" -[فقد] بقيت"ما" لا مرافع لها. (١) وذلك غير جائز في لغة أحد من العرب.

* * *

فأما أهل العربية فإنهم اختلفوا في معنى"ما" التي في قوله: (فقليلا ما يؤمنون) . فقال بعضهم: هي زائدة لا معنى لها، وإنما تأويل الكلام: فقليلا يؤمنون، كما قال جل ذكره: (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ) [آل عمران: ١٥٩] وما أشبه ذلك، فزعم أن"ما" في ذلك زائدة، وأن معنى الكلام: فبرحمة من الله لنت لهم، وأنشد في ذلك محتجا لقوله ذلك - بيت مهلهل:

لو بأبانين جاء يخطبها ... خضب ما أنف خاطب بدم (٢)

وزعم أنه يعني: خضب أنف خاطب بدم، وأن"ما" زائدة.

* * *

وأنكر آخرون ما قاله قائل هذا القول في"ما"، في الآية وفي البيت الذي


(١) في المطبوعة: "وإن نصب القليل"، وكأن الأجود ما أثبته. والزيادة بين القوسين واجبة.
(٢) الكامل ٢: ٦٨، ومعجم ما استعجم: ٩٦، وشرح شواهد المغني: ٢٤٧ وغيرها قال أبو العباس: "أبان جبل: وهما أبانان: أبان الأسود، وأبان الأبيض قال مهلهل، وكان نزل في آخر حربهم - حرب البسوس - في جنب بن عمرو بن علة بن جلد بن مالك، وهو مذحج، وجنب حي من أحيائهم وضيع، وخطبت ابنته ومهرت أدما فزوجها وقال قبله: أنكحها فقدها الأراقم في ... جنب وكان الحباء من أدم

<<  <  ج: ص:  >  >>