للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الشيء اشتروا به أنفسهم أن يكفروا بما أنزل الله بغيا. قال: وقوله: (لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ) [سورة المائدة: ٨٠] كمثل ذلك. والعرب تجعل"ما" وحدها في هذا الباب، بمنزلة الاسم التام، كقوله: (فنعما هي) [سورة البقرة: ٢٧١] ، و"بئسما أنت"، واستشهد لقوله ذلك برجز بعض الرجاز:

لا تعجلا في السير وادْلُوها ... لبئسما بطءٌ ولا نرعاها (١)

قال أبو جعفر: والعرب تقول: لبئسما تزويج ولا مهر"، فيجعلون"ما" وحدها اسما بغير صلة. وقائل هذه المقالة لا يجيز أن يكون الذي يلي"بئس" معرفة مُوَقَّتَة، وخبره معرفة موقتة. وقد زعم أن"بئسما" بمنزلة: بئس الشيء اشتروا به أنفسهم، فقد صارت"ما" بصلتها اسما موقتا، لأن"اشتروا" فعل ماض من صلة"ما"، في قول قائل هذه المقالة. وإذا وصلت بماض من الفعل، كانت معرفة موقتة معلومة، فيصير تأويل الكلام حينئذ:"بئس شراؤهم كفرهم". وذلك عنده غير جائز: فقد تبين فساد هذا القول. (٢)

وكان آخر منهم يزعم أن"أن" في موضع خفض إن شئت، ورفع إن شئت. فأما الخفض: فأن ترده على"الهاء" التي في،"به" على التكرير على كلامين. كأنك قلت: اشتروا أنفسهم بالكفر. وأما الرفع: فأن يكون مكرورا على موضع"ما" التي تلي"بئس". (٣) قال: ولا يجوز أن يكون رفعا على قولك:"بئس الرجل عبد الله. (٤)

وقال بعضهم:"بئسما" شيء واحد يرافع ما بعده (٥) كما حكي عن العرب:


(١) لم أعرف الراجز، والبيتان في اللسان (دلو) . دلوت الناقة دلوا: سقتها سوقا رفيقا رويدا ورعى الماشية وأرعاها: أطلقها في المرعى.
(٢) انظر معاني القرآن للفراء ١: ٥٦ - ٥٧، كأنه قول الكسائي. والمعرفة الموقتة: وهي المعرفة المحددة. وانظر شرح ذلك فيما سلف ١: ١٨١، تعليق: ١.
(٣) في المطبوعة: "مكررا"، والصواب من معاني القرآن للفراء ١: ٥٦.
(٤) هذه الفقرة هي نص كلام الفراء في معاني القرآن ١: ٥٦.
(٥) في المطبوعة: "يعرف ما بعده"، والصواب ما أثبت.

<<  <  ج: ص:  >  >>