كان عاقبة الذين من قبلهم) ، فكان ذلك دليلا على أن إياس الرسل كان من إيمان قومهم الذين أهلكوا، وأن المضمر في قوله:(وظنوا أنهم قد كذبوا) ، إنما هو من ذكر الذين من قبلهم من الأمم الهالكة، وزاد ذلك وضوحًا أيضًا، إتباعُ الله في سياق الخبر عن الرسل وأممهم قوله:(فنجي من نشاء) ، إذ الذين أهلكوا هم الذين ظنوا ان الرسل قد كذبتهم، (١) فكَذَّبوهم ظنًّا منهم أنهم قد كَذَبوهم.
* * *
وقد ذهب قوم ممن قرأ هذه القراءة، إلى غير التأويل الذي اخترنا، ووجّهوا معناه إلى: حتى إذا استيأس الرسل من إيمان قومهم، وظنَّتِ الرسل أنهم قد كُذِبوا فيما وُعِدُوا من النصر.
* ذكر من قال ذلك:
٢٠٠٢٣ - حدثنا الحسن بن محمد، قال: حدثنا عثمان بن عمر، قال: حدثنا ابن جريج، عن ابن أبي مليكة، قال: قرأ ابن عباس: (حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كُذِبوا) ، قال: كانوا بشرًا ضَعفُوا ويَئِسوا.
٢٠٠٢٤ -.... قال: حدثنا حجاج بن محمد، عن ابن جريج، قال: أخبرني ابن أبي مليكة، عن ابن عباس، قرأ:(وظنوا أنهم قد كُذِبوا) ، خفيفة، قال ابن جريج: أقول كما يقول: أخْلِفوا. قال عبد الله: قال لي ابن عباس: كانوا بشرًا. وتلا ابن عباس:(حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ)[سورة البقرة: ٢١٤] = قال ابن جريج: قال ابن أبي مليكة: ذهب بها إلى أنهم ضَعُفوا فظنوا أنهم أخْلِفوا.
٢٠٠٢٥ - حدثنا ابن بشار، قال: حدثنا مؤمل، قال: حدثنا سفيان، عن الأعمش، عن أبي الضحى، عن مسروق، عن عبد الله، أنه قرأ: (حتى إذا
(١) في المخطوطة:" إن الذين أهلكوا"، والصواب ما في المطبوعة.