للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عن عائشة قال: قلت لها قوله: (حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كُذِبوا) ، قال: قالت عائشة: لقد استيقنوا أنهم قد كُذِّبوا. قلت:"كُذِبوا". قالت: معاذ الله، لم تكن الرُّسل تظُنُّ بربها، (١) إنما هم أتباع الرُّسُل، لما استأخر عنهم الوحيُ، واشتد عليهم البلاء، ظنت الرسل أن أتباعهم قد كذَّبوهم = (جاءهم نصرنا) . (٢)

٢٠٠٣٢ - حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة، قالت: حتى إذا استيأس الرجل ممن كذبهم من قومهم أن يصدّقوهم، وظنَّت الرسل أن من قد آمن من قومهم قد كَذَّبوهم، جاءهم نصر الله عند ذلك. (٣)

* * *

قال أبو جعفر: فهذا ما روي في ذلك عن عائشة، غير أنها كانت تقرأ:"كُذِّبُوا"، بالتشديد وضم الكاف، بمعنى ما ذكرنا عنها: من أن الرسل ظنَّت بأتباعها الذين قد آمنوا بهم، أنهم قد كذَّبوهم، فارتدُّوا عن دينهم، استبطاءً منهم للنصر.

وقد بيّنا أن الذي نختار من القراءة في ذلك والتأويل غيرَه في هذا الحرف خاصّةً.

* * *

وقال آخرون ممن قرأ قوله:"كُذِّبُوا" بضم الكاف وتشديد الذال، معنى ذلك: حتى إذا استيأس الرسل من قومهم أن يؤمنوا بهم ويصدِّقوهم، وظنَّت الرسل، بمعنى: واستيقنت، أنهم قد كذّبهم أممهم، جاءَتِ الرُّسل نُصْرَتنا. وقالوا:


(١) في المطبوعة والمخطوطة:" تظن يومًا"، ورجحت أن هذا تصحيف من الناسخ، لم يحسن قراءة" بربها"، فكتب مكانها "يومًا"، لشبه ما بينها في الرسم، والذي في حديث البخاري:" تظن ذلك بربها"، وهو يؤيد ما ذهبت إليه.
(٢) الأثر: ٢٠٠٣١ - بهذا الإسناد، عن" عبد العزيز بن عبد الله، عن إبراهيم بن سعد، عن صالح بن كيسان"، رواه البخاري في صحيحه (الفتح ٨: ٢٧٧ - ٢٧٩) = مطولا.
ولفظ أبي جعفر مختصر أشد الاختصار. وكتب ابن حجر فصلاً جيدًا مستوفى في شرح هذا الحديث.
(٣) الأثر: ٢٠٠٣٢ - وهذا إسناد صحيح إلى عائشة.

<<  <  ج: ص:  >  >>