بمعنى: فننجي نحنُ من نشاء من رسلنا والمؤمنين بنا، دون الكافرين الذين كَذَّبوا رُسلنا، إذا جاء الرسلَ نصرُنا.
* * *
واعتلّ الذين قرءوا ذلك كذلك، أنه إنما كتب في المصحف بنون واحدة، وحكمه أن يكون بنونين، لأن إحدى النونين حرف من أصل الكلمة، من:"أنجى ينجي"، والأخرى"النون" التي تأتي لمعنى الدلالة على الاستقبال، من فعل جماعةٍ مخبرةٍ عن أنفسها، لأنهما حرفان، أعني النونين، من جنس واحدٍ يخفى الثاني منهما عن الإظهار في الكلام، فحذفت من الخط، واجتزئ بالمثبتة من المحذوفة، كما يفعل ذلك في الحرفين اللذين يُدْغم أحدهما في صاحبه.
* * *
وقرأ ذلك بعض الكوفيين على هذا المعنى، غير أنه أدغم النون الثانية وشدّد الجيم.
* * *
وقرأه آخر منهم بتشديد الجيم ونصب الياء، على معنى فعل ذلك به من:"نجَّيته أنجّيه".
* * *
وقرأ ذلك بعض المكيين:"فَنَجَا مَنْ نَشَاءُ" بفتح النون والتخفيف، من:"نجا ينجو". (١)
* * *
قال أبو جعفر: والصواب من القراءة في ذلك عندنا، قراءة من قرأه:"فَنُنْجِى مَنْ نَشَاءُ" بنونين، لأن ذلك هو القراءة التي عليها القرأة في الأمصار، وما خالفه ممن قرأ ذلك ببعض الوجوه التي ذكرناها، فمنفرد بقراءته عما عليه الحجة مجمعة من القرأة. وغير جائز خلاف ما كان مستفيضًا بالقراءة في قرأة الأمصار.
* * *
(١) في المخطوطة:" من نجا عذاب الله من نشاء ينجو" وفي المطبوعة:" من نجا من عذاب الله من نشاء ينجو"، زاد" من" ليستقيم الكلام. بيد أني أقطع بأن الصواب هو ما أثبت، كما فعل في أخواتها السالفة، وإنما زاد الناسخ ما زاد سهوًا.