للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

١٥٥٥ - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج وعطاء وعبيد بن عمير قوله: (فباءوا بغضب على غضب) ، قال: غضب الله عليهم فيما كانوا فيه من قبل خروج النبي صلى الله عليه وسلم - من تبديلهم وكفرهم -، ثم غضب عليهم في محمد صلى الله عليه وسلم - إذ خرج، فكفروا به.

* * *

قال أبو جعفر: وقد بينا معنى"الغضب" من الله على من غضب عليه من خلقه - واختلاف المختلفين في صفته - فيما مضى من كتابنا هذا، بما أغنى عن إعادته. (١)

* * *

القول في تأويل قوله تعالى: {وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُهِينٌ (٩٠) }

قال أبو جعفر: يعني بقوله جل ثناؤه: (وللكافرين عذاب مهين) ، وللجاحدين نبوة محمد صلى الله عليه وسلم من الناس كلهم، عذاب من الله، إما في الآخرة، وإما في الدنيا والآخرة، (مهين) هو المذل صاحبه، المخزي، الملبسه هوانا وذلة.

* * *

فإن قال قائل: أي عذاب هو غير مهين صاحبه، فيكون للكافرين المهين منه؟

قيل: إن المهين هو الذي قد بينا أنه المورث صاحبه ذلة وهوانا، الذي يخلد فيه صاحبه، لا ينتقل من هوانه إلى عز وكرامة أبدا، وهو الذي خص الله به أهل الكفر به وبرسله. وأما الذي هو غير مهين صاحبه، فهو ما كان تمحيصا لصاحبه. وذلك هو كالسارق من أهل الإسلام، يسرق ما يجب عليه به القطع فتقطع يده، والزاني منهم يزني فيقام عليه الحد، وما أشبه ذلك من العذاب والنكال الذي جعله الله كفارات للذنوب التي عذب بها أهلها، وكأهل الكبائر من أهل


(١) انظر ما سلف ١: ١٨٨ - ١٨٩، وما مضى في هذا الجزء ٢: ١٣٨ هذا وقد كان في المطبوعة بعد قوله: "عن إعادته" ما نصه: "والله تعالى أعلم"، وليس لها مكان هنا، وهي بلا شك زيادة بعض النساخ، فلذلك تركتها.

<<  <  ج: ص:  >  >>