التي أنزلها الله إلى أنبيائه - الحق. وإنما يعني بذلك تعالى ذكره القرآن الذي أنزله إلى محمد صلى الله عليه وسلم، كما:-
١٥٥٩ - حدثني موسى قال، حدثنا عمرو قال، حدثنا أسباط، عن السدي:(وإذا قيل لهم آمنوا بما أنزل الله قالوا نؤمن بما أنزل علينا ويكفرون بما وراءه) ، وهو القرآن. يقول الله جل ثناؤه:(وهو الحق مصدقا لما معهم) . وإنما قال جل ثناؤه:(مصدقا لما معهم) ، لأن كتب الله يصدق بعضها بعضا. ففي الإنجيل والقرآن من الأمر باتباع محمد صلى الله عليه وسلم، والإيمان به وبما جاء به، مثل الذي من ذلك في توراة موسى عليه السلام. فلذلك قال جل ثناؤه لليهود - إذْ أخبرهم عما وراء كتابهم الذي أنزله على موسى صلوات الله عليه، من الكتب التي أنزلها إلى أنبيائه -: إنه الحق مصدقا للكتاب الذي معهم، يعني: أنه له موافق فيما اليهود به مكذبون.
قال: وذلك خبر من الله أنهم من التكذيب بالتوراة، على مثل الذي هم عليه من التكذيب بالإنجيل والفرقان، عنادا لله، وخلافا لأمره، وبغيا على رسله صلوات الله عليهم.
* * *
القول في تأويل قوله تعالى: {قُلْ فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِيَاءَ اللَّهِ مِنْ قَبْلُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (٩١) }
قال أبو جعفر: يعني جل ذكره بقوله: (قل فلم تقتلون أنبياء الله) ، قل يا محمد، ليهود بني إسرائيل - الذين إذا قلت لهم: آمنوا بما أنزل الله قالوا: نؤمن بما أنزل علينا-: لم تقتلون = إن كنتم يا معشر اليهود مؤمنين بما أنزل الله عليكم = أنبياءه، وقد حرم الله في الكتاب الذي أنزل عليكم قتلهم، بل أمركم فيه باتباعهم وطاعتهم وتصديقهم؟ وذلك من الله جل ثناؤه تكذيب لهم في قولهم:(نؤمن بما أنزل علينا) وتعيير لهم، كما:-
١٥٦٠ - حدثني موسى قال، حدثنا عمرو قال، حدثنا أسباط، عن السدي قال: قال الله تعالى ذكره - وهو يعيرهم - يعني اليهود:(فلم تقتلون أنبياء الله من قبل إن كنتم مؤمنين) ؟
* * *
فإن قال قائل: وكيف قيل لهم: (فلم تقتلون أنبياء الله من قبل) ، فابتدأ الخبر على لفظ المستقبل، ثم أخبر أنه قد مضى؟
قيل: إن أهل العربية مختلفون في تأويل ذلك. فقال بعض البصريين: معنى