للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله: (والذين يدعون من دونه) يقول تعالى ذكره: والآلهة التي يَدْعونها المشركون أربابًا وآلهة.

* * *

وقوله (من دونه) يقول: من دون الله.

* * *

وإنما عنى بقوله: (من دونه) الآلهة أنها مقصِّرة عنه، وأنَّها لا تكون إلهًا، ولا يجوز أن يكون إلهًا إلا الله الواحد القهار، (١) ومنه قول الشاعر: (٢)

أتُوعِدُنِي وَرَاء بَنِي رِيَاحٍ? ... كَذَبْتَ لَتَقْصُرَنّ يَدَاكَ دُونِي (٣)

يعني: لتقصرنَّ يداك عني.

* * *

وقوله: (لا يستجيبون لهم بشيء،) يقول: لا تجيب هذه الآلهة التي يدعوها هؤلاء المشركون آلهةً بشيء يريدونه من نفع أو دفع ضرٍّ = (إلا كباسط كفيه إلى الماء) ، يقول: لا ينفع داعي الآلهة دعاؤه إياها إلا كما ينفع باسط كفيه إلى الماء بسطُه إياهما إليه من غير أن يرفعه إليه في إناء، ولكن ليرتفع إليه بدعائه إياه وإشارته إليه وقبضه عليه.

* * *

والعرب تضرب لمن سعى فيما لا يدركه مثلا بالقابض على الماء، (٤) قال بعضهم: (٥)

فإنِّي وإيَّاكُمْ وَشَوْقًا إلَيْكُمُ ... كَقَابِضِ مَاءٍ لَمْ تَسِقْهُ أَنَامِلُه (٦)


(١) انظر تفسير" دون" في فهارس اللغة (دون) .
(٢) هو جرير.
(٣) ديوانه ٥٧٧، والنقائض: ٣١، ومجاز القرآن لأبي عبيدة ١: ٣٢٦ والأضداد لابن الأنباري: ٥٨، وسيأتي التفسير قريبًا ١٣: ١٣٠ (بولاق) وغيرها كثير، يهجو فضالة من بني عرين.
(٤) قالوا في المثل: كالقابض على الماء"، انظر أمثال الميداني ٢: ٨٠، وجمهرة الأمثال: ١٦٤.
(٥) هو ضابئ بن الحارث البرجمي.
(٦) من قصيدته التي قالها في السجن، وكان أعد حديدة يريد أن يغتال بها عثمان بن عفان رضي الله عنه وشعره في خزانة الأدب ٤: ٨٠، وفي طبقات فحول الشعراء: ١٤٥، وتاريخ الطبري ٥: ١٣٧ / ٧: ٢١٣، والبيت في الخزانة، وفي اللسان (وسق) ، ومجاز القرآن لأبي عبيدة ١: ٣٢٧، وغريب القرآن لابن قتيبة: ٢٢٦. وقوله:" لم تسقه"، من" وسقت الشيء أسقه وسقًا"، إذا حملته.

<<  <  ج: ص:  >  >>