والنحاس، فالماء يمكثُ في الأرض فتشربه، والذهب والفضة تمكث للناس= (كذلك يضرب الله الأمثال) يقول: كما مثَّل هذا المثل للإيمان والكفر، كذلك يمثل الأمثال.
* * *
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
*ذكر من قال ذلك:
٢٠٣١١- حدثني المثنى قال: حدثنا عبد الله بن صالح قال: حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس قوله:(أنزل من السماء ماء فسالت أوديه بقدرها) فهذا مثل ضربه الله، احتملت منه القلوب على قدر يقينها وشكّها، فأما الشك فلا ينفع معه العمل، وأما اليقين فينفع الله به أهله، وهو قوله:(فأما الزبد فيذهب جفاء) ، وهو الشك= (وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض) ، وهو اليقين، كما يُجْعل الحَلْيُ في النار فيؤخذ خالصُه ويترك خَبَثُه في النار، فكذلك يقبل الله اليقين ويترك الشك.
٢٠٣١٢- حدثني محمد بن سعد قال: حدثني أبي قال: حدثني عمي قال: حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله:(أنزل من السماء ماء فسالت أودية بقدرها فاحتمل السيل زبدًا رابيًا) ، يقول: احتمل السيل ما في الوادي من عود ودِمْنة، (ومما يوقدون عليه في النار) فهو الذهب والفضة والحلية والمتاع والنحاس والحديد، وللنحاس والحديد خَبَث، فجعل الله مثل خبثه كزبد الماء. فأما ما ينفع الناس فالذهب والفضة، وأما ما ينفع الأرض فما شربت من الماء فأنبتت. فجعل ذلك مثل العمل الصالح يبقى لأهله، والعمل السيءُ يضمحل عن أهله، كما يذهب هذا الزبد، فكذلك الهدى والحق جاء من عند الله، فمن عمل بالحق كان له، وبقي كما يبقى ما ينفع الناس في الأرض. وكذلك الحديد لا يستطاع أن تجعل منه سكين ولا سيف حتى يدخل في النّار فتأكل خبَثَه، فيخرج جيّده فينتفع به.