وإنما أُمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقول لهم:(تمنوا الموت إن كنتم صادقين) ، لأنهم -فيما ذكر لنا- قالوا:(نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ)[المائدة: ١٨] ، وقالوا:(لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى)[البقرة: ١١١] . فقال الله لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: قل لهم إن كنتم صادقين فيما تزعمون، فتمنوا الموت. فأبان الله كذبهم بامتناعهم من تمني ذلك، وأفلج حجة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
* * *
وقد اختلف أهل التأويل في السبب الذي من أجله أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن يدعو اليهود أن يتمنوا الموت، وعلى أي وجه أمروا أن يتمنوه. فقال بعضهم: أمروا أن يتمنوه على وجه الدعاء على الفريق الكاذب منهما.
* ذكر من قال ذلك:
١٥٧١ - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة قال، حدثني ابن إسحاق قال، حدثني محمد بن أبي محمد، عن سعيد، أو عكرمة، عن ابن عباس قال: قال الله لنبيه صلى الله عليه وسلم: (قل إن كانت لكم الدار الآخرة عند الله خالصة من دون الناس فتمنوا الموت إن كنتم صادقين) ، أي: ادعوا بالموت على أي الفريقين أكذب. (١)
* * *
وقال آخرون بما:-
١٥٧٢ - حدثني بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد بن زريع قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله:(قل إن كانت لكم الدار الآخرة عند الله خالصة من دون الناس) ، وذلك أنهم قالوا:(لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى)[البقرة: ١١١] ، وقالوا:(نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ)[المائدة: ١٨] فقيل لهم: (فتمنوا الموت إن كنتم صادقين) .
١٥٧٣ - حدثني المثنى قال، حدثنا آدم قال، حدثنا أبو جعفر، عن
(١) الأثر: ١٥٧١ - في سيرة ابن هشام ٢: ١٩١، وفيها: "أكذب عند الله"، وانظر رقم: ١٥٧٨.