للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فِي السَّمَاءِ) . فلما ظمئ إسماعيل جعل يَدْحَض الأرض بعقبه، فذهبت هاجر حتى علت الصفا، والوادي يومئذ لاخ، يعني عميق، فصعدت الصفا، فأشرفت لتنظر هل ترى شيئا؟ فلم تر شيئا، فانحدرت فبلغت الوادي، فسعت فيه حتى خرجت منه، فأتت المروة، فصعدت فاستشرفت هل ترى شيئا، فلم تر شيئا. ففعلت ذلك سبع مرّات، ثم جاءت من المروة إلى إسماعيل، وهو يَدْحَض الأرض بعقبه،وقد نبعت العين وهي زمزم. فجعلت تفحص الأرض بيدها عن الماء، فكلما اجتمع ماء أخذته بقدحها، وأفرغته في سقائها. قال: فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم: يَرْحَمُها اللهُ لَوْ تَرَكَتْها لَكانَتْ عَيْنا سائِحَةً تَجْرِي إلى يَوْمِ القِيامَةِ". قال: وكانت جُرهُمُ يومئذ بواد قريب من مكة، قال: ولزمت الطير الوادي حين رأت الماء، فلما رأت جرهم الطير لزمت الوادي، قالوا: ما لزمته إلا وفيه ماء، فجاءوا إلى هاجرَ، فقالوا: إن شئت كنا معك وآنسناك والماء ماؤك، قالت: نعم. فكانوا معها حتى شبّ إسماعيل، وماتت هاجر فتزوّج إسماعيل امرأة منهم، قال: فاستأذن إبراهيم سارة أن يأتي، هاجر، فأذنت له وشرطت عليه أن لا ينزل، فقدم إبراهيم وقد ماتت هاجر، فذهب إلى بيت إسماعيل، فقال لامرأته: أين صاحبك؟ قالت: ليس ههنا ذهب يتصيد، وكان إسماعيل يخرج من الحرم فيتصيد ثم يرجع، فقال إبراهيم: هل عندك ضيافة، هل عندك طعام أو شراب؟ قالت: ليس عندي، وما عندي أحد. فقال إبراهيم: إذا جاء زوجك فأقرئيه السلام وقولي له: فليغير عتبة بابه! وذهب إبراهيم، وجاء إسماعيل، فوجد ريح أبيه، فقال لامرأته: هل جاءك أحد؟ فقالت: جاءني شيخ كذا وكذا، كالمستخفة بشأنه، قال: فما قال لك؟ قالت: قال لي: أقرئي زوجك السلام وقولي له: فليغير عتبة بابه، فطلقها وتزوج أخرى. فلبث إبراهيم ما شاء الله أن يلبث، ثم استأذن سارة أن يزور إسماعيل، فأذنت له، وشرطت عليه أن لا ينزل، فجاء إبراهيم حتى انتهى إلى باب إسماعيل، فقال لامرأته: أين صاحبك؟ قالت: ذهب يصيد، وهو يجيء الآن إن شاء الله، فأنزل يرحمك الله قال لها: هل عندك ضيافة؟ قالت: نعم، قال: هل عندك خبز أو بر أو تمر أو شعير؟ قالت: لا. فجاءت باللبن واللحم، فدعا لهما بالبركة، فلو جاءت يومئذ بخبز أو بر أو شعير أو تمر لكانت أكثر أرض الله برا وشعيرا وتمرا، فقالت له: أنزل حتى أغسل رأسك، فلم ينزل، فجاءته بالمقام فوضعته عن شقه الأيمن، فوضع قدمه عليه، فبقي أثر قدمه عليه، فغسلت شق رأسه الأيمن، ثم حوّلت المقام إلى شقه الأيسر فغسلت شقه الأيسر، فقال لها: إذا جاء زوجك فأقرئيه السلام، وقولي له: قد استقامت عتبة بابك، فلما جاء إسماعيل وجد ريح أبيه، فقال لامرأته: هل جاءك أحد؟ فقالت: نعم، شيخ أحسن الناس وجها وأطيبه ريحا، فقال لي كذا وكذا، وقلت له كذا وكذا، وغسلتُ رأسه، وهذا موضع قدمه على المقام. قال: وما قال لك؟ قالت: قال لي: إذا جاء زوجك فأقرئيه السلام وقولي له: قد استقامت عتبة بابك، قال: ذاك إبراهيم، فلبث ما شاء الله أن يلبث، وأمره الله ببناء البيت، فبناه هو وإسماعيل، فلما بنياه قيل: أذن في الناس بالحجّ، فجعل لا يمرّ بقوم إلا قال: أيها الناس إنه قد بني لكم بيت فحجوه، فجعل لا يسمعه أحد، صخرة ولا شجرة ولا شيء، إلا قال: لبيك اللهم لبيك. قال: وكان بين قوله (رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ) وبين قوله (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ) كذا وكذا عاما، لم يحفظ عطاء.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله (رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ) وإنه بيت طهَّره الله من السُّوء، وجعله قبلة، وجعله حَرَمه، اختاره نبيّ الله إبراهيم لولده.

حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة (غَيْرِ ذِي زَرْعٍ) قال: مكة لم يكن بها زرع يومئذ.

حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، قال: أخبرني ابن كثير، قال القاسم في حديثه: قال: أخبرني عمرو بن كثير "قال أبو جعفر": فغيرته أنا فجعلته: قال أخبرني ابن كثير، وأسقطت عمرا، لأني لا أعرف إنسانًا يقال له عمرو بن كثير حدّث عنه ابن جريج، وقد حدَّث به معمر عن كثير بن كثير بن المطلب بن أبي وداعة، وأخشى أن يكون حديث

<<  <  ج: ص:  >  >>