للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٨٨- وحدثنا أبو كُريب، قال: ذكر أبو بكر بن عياش: الأعمش، قال: قال أبو وائل: وَلى ابنُ عباس الموسمَ؛ فخطبهم، فقرأ على المنبر سُورة النور، والله لو سَمعها الترك لأسلموا. فقيل له: حدِّثنا به عن عاصم؟ فسكت (١) .

٨٩- وحدثنا أبو كريب، قال: حدثنا ابن إدريس، قال: سمعتُ الأعمش، عن شقيق، قال: شهدت ابن عباس وَولىَ الموسم، فقرأ سورة النور على المنبر، وفسرها، لو سمعت الروم لأسلمت (٢) !

قال أبو جعفر: وفي حَثِّ الله عز وجلّ عباده على الاعتبار بما في آي القرآن من المواعظ والبينات (٣) - بقوله جل ذكره لنبيه صلى الله عليه وسلم: {كِتَابٌ أَنزلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الألْبَابِ} [سورة ص: ٢٩] وقوله: {وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ * قُرْآنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ} [سورة الزمر: ٢٧، ٢٨] وما أشبه ذلك من آي القرآن، التي أمر الله عبادَه وحثهم فيها على الاعتبار بأمثال آي القرآن، والاتِّعاظ بمواعظه- ما يدلّ على أنَّ عليهم معرفةَ تأويل ما لم يُحجب عنهم تأويله من آيه.

لأنه محالٌ أن يُقال لمن لا يفهمُ ما يُقال له ولا يعقِل تأويلَه: "اعتبرْ بما لا فَهْم لك به ولا معرفةَ من القِيل والبيان والكلام"- إلا على معنى الأمر بأن يفهمَه ويفقَهَه، ثم يتدبَّره ويعتبرَ به. فأما قبلَ ذلك، فمستحيلٌ أمرُه بتدبره وهو بمعناه جاهل. كما محالٌ أن يقال لبعض أصناف الأمم الذين لا يعقلون كلامَ العرب ولا يفهمونه،


(١) الخبر ٨٨- يريد: أن أبا بكر بن عياش قال: "الأعمش"، ولم يقل: "حدثنا الأعمش" ولم يذكر من الذي حدثه عنه. ففهم السامعون أنه دلس شيخه الذي رواه عنه عن الأعمش، وظنوا أنه عاصم بن أبي النجود، فقالوا له "حدثنا به عن عاصم"، فأبى وسكت. فلعله سمعه من شيخ آخر ضعيف.
(٢) الخبر ٨٩- ابن إدريس: هو عبد الله بن إدريس الأودي.
(٣) في المطبوعة "المواعظ والتبيان".

<<  <  ج: ص:  >  >>